(١٥) (محمد) ، يضرب الله للجنة مثلا يرسم لها به صورة تقريبية يمكن أن تعبّر عنه لغة الناس من خبراتهم مما يشاهدونه فى الدنيا ، وبوسعهم أن يتصوروه مقارنا بما فى الجنة ، ففي الجنة ثلاثة أشياء يوجد مثلها فى الدنيا وتعد من نعمها ، هى : الماء والخمر ، والعسل ، ولكن شتّان بين نعم الدنيا ونعم الجنة ، فماء الجنة غير آسن : أى غير متغيّر الرائحة ، والآسن من الماء مثل الآجن ، ويقال للماء تتغير رائحته أسن ؛ وأنهار الجنة من اللبن لا يتغير طعم لبنها : أى لا يحمض بطول المقام كما تتغير ألبان الدنيا ؛ وبها أنهار من الخمر ، بها لذة للشاربين : أى لم تدنسها الأيدى كخمر الدنيا ، فهى لذيذة الطعم ، طيبة الشرب ، لا ينكرها الشاربون ، كقوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) (٤٧) (الصافات) ، فنفى الله عزوجل عن خمر الجنة الآفات التى تلحق فى الدنيا من خمرها ، من الصداع والسكر ؛ وبالأنهار من العسل المصفّى : والعسل هو ما يسيل من لعاب النحل ، ومصفّى ليس به شمع ولا قذى ، ولم يطبخ على نار ، ولا دنّسه النحل ، ولم يخرج من بطونها ، وقوله تعالى : (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ) : يعنى : أفمن يخلد فى هذا النعيم كمن يخلد فى النار؟ ومثل أهل الجنة فى النعيم المقيم كمثل أهل النار فى العذاب المقيم ؛ فلمّا وعد المتقين بأنهار الماء غير الآسن واللبن والخمر ، وقارن ذلك بشراب أهل النار ، قال : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً) : أى حارا شديدا يقطع الأمعاء.
* * *
١٣١٩ ـ أصحاب الجنة
الصحبة : هى الاقتران بالشىء فى حالة ما ، فإن كانت الملازمة والخلطة فهى كمال الصحبة. وهكذا فى صحبة أصحاب الجنة ، وأصحاب النار. وأصحاب الجنة : هم أهلها المستحقون لنعيمها ، ويطلق أيضا اسم أصحاب الجنة على الملائكة المشرفون عليها وعلى سكانها من الحور والولدان وغيرهم.
وأصحاب الجنة من المؤمنين هم : (١) : عباد الله المخلصون (الصافات) ، (٢) : الذين آمنوا وعملوا الصالحات (البقرة ٢٥) ؛ (٣) : والذين ينفقون فى السرّاء والضرّاء ، والكاظمون الغيظ والعافون عن الناس (آل عمران ١٣٤) ؛ (٤) : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ولم يصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون (آل عمران ١٣٥) ؛ (٥) : والذين يتّقون ربّهم (آل عمران ١٩٨) ؛ (٦) : والمطيعون لله ورسوله (النساء ١٣) ؛ (٧) : والصادقون (المائدة ١١٩) ؛ (٨) : والذين يعون كلام الله ويذكرونه (الأنعام ١٢٦) ؛ (٩) : والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله بأموالهم