الكلمتين الأخريين : أن البوق : للتزمير للهو ، ولجمع الناس ؛ والقرن : للاستنفار فى الحرب ، وأما الصور : فهو وحده آلة النفخ يوم القيامة ، يخترق حاجز الصوت فيميت مرة ويحيى أخرى. والبوق والقرن عند اليهود فى التوراة ، ولا يوجد فى أى من أسفار اليهود كلمة «صور» ، وعندهم «عيد الأبواق» ، يبوّقون بالأبواق فى أول أكتوبر ، ويحتفلون بجمع الثمار وزراعة البذور ، ويذبحون الذبائح ، و «أبواق الهتاف» ذات أصوات عالية. والصور فى القرآن يتكرر عشر مرات والفرق بين البوق والقرن والصور ، أن البوق والقرن أداتان يصنعهما البشر ، ولكن الصور أداة من صنع الله ، وينفخ فيه إسرافيل يوم القيامة نفخة واحدة (الحاقة ١٣) ، فيفزع من فى السموات ومن فى الأرض (الزمر ٦٨ ، والنمل ٨٧) ، ويصعق الناس ولا يبقى أحد إلا مات ، ثم ينفخ فيه مرة أخرى (الزمر ٦٨) ، فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون (يس ٥١) ، فيجمعون جمعا (الكهف ٦٩) ، ويحشر المجرمون زرقا (طه ١٠٢) ، أى من الخوف ، ويأتون أفواجا (النبأ ١٨) ، لا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون (المؤمنون ١٠١) ، ذلك (يَوْمُ الْوَعِيدِ) (٢٠) (ق). وفى الحديث أن الله لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور وأعطاه إسرافيل ، فهو ينتظر الأمر له بالنفخ فيه. وقال : «الصور من العظم ، كهيئة البوق ، ينفخ فيه ثلاث مرات ، فالنفخة الأولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق ، والثالثة نفخة البعث والقيام لربّ العالمين». والحديث مختلف فيه ، وقيل هما «نفختان» لا غير ، لأن نفخة الفزع هى نفخة الصعق ، فلأنهم فزعوا ماتوا منه ، وفى النفخة الثانية يحيون فزعين يقولون (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) (٥٢) (يس). وقد يكون الفزع هو الإسراع فى الاستجابة ، أو يكون هو الخوف المعهود.
* * *
١٣٠١ ـ الصيحة يوم القيامة
الصيحة : هى الصوت الشديد كالصاعقة ، عوقب بها قوم صالح فى الدنيا ، فصاح فيهم جبريل صيحة واحدة (هود ٦٧) ، فتقطّعت بها قلوبهم وصاروا هلكى هامدين كغثاء السيل (المؤمنون ٤١) ، وجعلتهم كالهشيم المحتظر (القمر ٣١) ؛ وقوم شعيب (هود ٩٤) أصبحوا بالصيحة جاثمين فى ديارهم ، كأن لم يغنوا فيها ؛ وقوم لوط (الحجر ٧٣) ، أخذتهم الصيحة مشرقين ، يعنى وقت شروق الشمس ؛ وأصحاب الأيكة (الحجر ٨٣) ، أخذتهم الصيحة مصبحين ، أى وقت الصبح ؛ وأصحاب القرية (يس ٢٩) ، قضت عليهم الصيحة وخمدت بها أنفاسهم ؛ وكل هؤلاء ما أصابتهم إلا صيحة واحدة ما كان لهم منها رجوع (ص ١٥). فإذا كان يوم القيامة أوكلت الصيحة بإسرافيل ، وصيحته يومئذ صيحتان ، فى الأولى : يكون الموت يأتى الناس بغتة وهم يخصمون ، فلا يستطيعون توصية ولا