طبقات ، أو نسبته إلى الأشخاص ، وكل ذلك من باب التحديد وباعتبار الخاص وليس العام ، وتلك أمور خلت منها تماما كتب التاريخ فى أوروبا وفى الهند والصين وانفرد بها العرب ، وكان العرب من أولى الأمم التى كان لها تقويم ، ومع أنه تقويم قمرى إلا أنه متقدم جدا على التقويم القمرى العبرى ، والتقويم الهجرى أساسه تاريخ الهجرة ـ وهو أول المحرم من السنة التى جرت فيها الهجرة ، وشهور هذا التاريخ مأخوذة من رؤية الهلال ، ولا يزيد الشهر عن الثلاثين يوما ، ولا ينقص عن تسعة وعشرين يوما ، ويمكن أن يجيء أربعة أشهر ثلاثين يوما على التوالى لا أزيد منها ، وأن تجىء ثلاثة أشهر تسعة وعشرين يوما على التوالى لا أزيد منها. والسنة اثنا عشر شهرا ، والسنون والشهور اصطلاحية. وأما التاريخ العبرى أو اليهودى فسنوه شمسية ، وشهوره قمرية ، وتسمية شهوره : تسرى ، ومرخشوان ، وكسليو ، وطيبث ، وشفط ، وآذر ، ونيسان ، وايرسيون ، وتموز ، وآب ، وأيلول. وهم يكبسون بعض السنين بشهر زائد ، ويسمون السنة الكبيسة : عبّورا ، وغير الكبيسة بسيطة ، وكبسوا تسع عشرة سنة سبعة أشهر قمرية ، ولكن العرب كانوا يزيدون الشهر الزائد على جميع السنة ، وأما اليهود فالشهر السادس عندهم وهو آذر يتكرر مرتين ، فيصير عندهم آذران ، آذر الكبس ويعدّونه زائدا ، وبعده آذر الأصل ويعدّونه من أصل السنة ، وبعدهما نيسان. وأول سنتهم يتردد بين أواخر آب وأيلول من السنة الشمسية ، والشهور إما ٢٩ أو ٣٠ يوما ، ويشترطون أن يكون أول أيام السنة إما السبت ، أو الاثنين ، أو الثلاثاء ، أو الخميس ، وأن يكون الخامس عشر من نيسان إما الأحد أو الثلاثاء ، أو الخميس ، أو السبت لا غير. وكما ترى فإن التاريخ عندهم مسألة وطنية وليس علما ولا هو قريب من العلم! وأما التاريخ الأفرنجي أو النصرانى فجرت به مجموعة من التلفيقات لضمان توافق التاريخ مع أحداث النصرانية كصلب المسيح وقيامته وغير ذلك ، فالمسألة عندهم لم تكن علمية ولا فلسفية ولا قومية ولكنها كنسية فى المحل الأول ، فأين هو الإحساس بالزمن أو بالتاريخ فى ذلك كله ، سواء عند اليهود أو النصارى؟ وذلك هو ردّنا بايجاز على دعاوى المستشرقين واليهود فى مفهوم التاريخ والزمن عند العرب وفى القرآن ، والله الموفق.
* * *
١٢٧٨ ـ يثرب اسم المدينة
فى الآية : (يا أَهْلَ يَثْرِبَ) (الأحزاب ١٣) فإن «يثرب» هى «المدينة» ، فإذا كانت الآية قد نزلت فى السنة الخامسة من الهجرة ، فإن معنى ذلك أن الاسم «المدينة» لم يكن الرسول