كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) (النور ٣٣). وشرط المكاتبة : أن يكون العبد قادرا على الكسب وحده. والكتابة عقد معاوضة فلا تصحّ إلا عن تراض. ومن لا حرفة له لا يصحّ مكاتبته. والكتابة تكون بقليل المال وكثيره ، وتكون منجّمة أى على أقساط ، وسميت كتابة لأنها تكتب ويشهد عليها ، ويظل المكاتب عبدا ما بقى عليه من مال الكتابة شىء ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «المكاتب عبد ما بقى عليه من مكاتبته درهم». وقيل : إذا أدّى الثلاثة أرباع وبقى الربع فهو غريم ، أى مديون ، ولا يعود عبدا ، وقيل : إنه يصير بعقد الكتابة حرا ، ويصبح غريما بالكتابة ، ولا يرجع إلى الرق أبدا ، ويعتق معه ولده الذين ولدوا فى كتابته ، والإسلام على سياسة منع الرق والاستعباد ، ولذلك يأمر الله تعالى أصحاب المال أن يعينوا المكاتبين بأموالهم ، بأن يعطوهم شيئا مما فى أيديهم ، أو يحطّوا عنهم شيئا من مال الكتابة ـ قيل ربع الكتابة ، وقيل الثلث ، وقيل العشر ، والقرآن يعطى ذلك اسم الإيتاء ، والخطاب فى الآية «وآتوهم» للناس أجمعين أن يتصدّقوا على المكاتبين ، وأن يعينوهم فى فكاك رقابهم. وكانت صفة عقد الكتابة أن يقول السيد لعبده : كاتبتك على كذا وكذا من المال ، فى كذا وكذا قسطا ، إذا أدّيته فأنت حر. ويقول العبد : قد قبلت ، ونحو ذلك من الألفاظ. والكتابة الفاسدة أن يكاتبه على عوض مجهول ، أو عوض حالّ ، أو محرّم كالخمر والخنزير. وكتابة المريض صحيحة ، وإن كان من مرض الموت اعتبر من ثلثه ، وتصحّ الوصية بالكتابة. وإذا علّق السيد عتق عبده بموته ، كأن يقول : أنت حرّ ، أو أنت محرّر ، أو عتيق ، أو معتق ، بعد موتى فإنه يصير مدبّرا ، وكذا إن قال : أنت مدبّر ، أو قد دبّرتك ، فإنه يصير مدبّرا بنفس اللفظ من غير افتقار إلى نيّة. والتدبير كمصطلح يعنى : التعليق للعبد فلا يصبح محررا إلا بعد موت السيد ، ويصحّ مطلقا ، أى من غير شرط إلا الموت ، أو مقيّدا ، كأن يقول : إن مت فى سفرى هذا فأنت حر. وقد يعلق التدبير على صفة ، كأن يقول : إن شفى ابني فأنت حر مدبّر. وإذا كان للعبد سيدان يشتركان فيه ، فتدبير أحدهما لنصيبه لا يسرى على نصيب الشريك الثانى. وإذا دبّر الصبى المميز صحّ تدبيره ، ولا يصح تدبير المجنون. ولا يبطل التدبير بالرجوع فيه. وكسب المدبّر لسيده أثناء التدبير ، وله أن يطأ أمته أثناء التدبير ، وإذا دبّر السيد عبده ثم كاتبه جاز. ويجزئ عتق المدبّر فى الكفّارة. وديته قيمته. وقيل المدبّر طلاقه اثنتان ، وقيل ثلاث طلقات وهو الصحيح ، وخلعه لزوجته صحيح ، وتعويض الخلع لسيده ، وخلع الأمة صحيح سواء كان بإذن سيدها أو بغير إذنه ، وطلاقها على عوض طلاق بائن ، والخلع معها كالخلع مع الحرة. وإن اجتمع العتق فى المرض والتدبير ، قدّم العتق ،