ولم يكن الحمس يقفون مع الناس بعرفات فى الجاهلية ، وكان وقوفهم بالمزدلفة ، وكانوا يقولون : نحن قطين الله ـ جمع قاطن أى ساكن ، يقصدون أنهم سكان بيت الله وحرمه ، فينبغى لهم أن لا يعظموا إلا الحرم ، ولم يكونوا يخرجون لذلك من الحرم ، ويقفون بجمع ويفيضون منه ، بينما يقف الناس بعرفة ، فقيل لهم : أفيضوا كما أفاض إبراهيم وكما يفيض الناس.
* * *
١٢٢٧ ـ الخلّة والخليل
الخليل فى الآية : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) (النساء : ١٢٥) على وزن فعيل ، بمعنى فاعل ، كالعليم بمعنى العالم ، أو بمعنى المفعول ، كالحبيب بمعنى المحبوب ، وإبراهيم الخليل أى المحتاج إلى الله ، الفقير إليه ، أو المصطفى منه تعالى الذى اختصه بمحبته لصفات فيه ، قيل كانت خلّة إبراهيم أنه يطعم الطعام. والنبىّ صلىاللهعليهوسلم كان خليل الله ، وفى الحديث : «وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا» ، لأن الخليل هو الذى يوالى فى الله ، ويعادى فى الله ، وهى صفة نبيّنا صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا اتخذه الله خليلا استحال عليه أن يشرك فى نفسه مع الله أحدا فقال : «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا» أخرجه مسلم.
والخلّة بين الآدميين هى الصداقة ، كقوله تعالى : (وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) (الإسراء ٧٣) مشتقة من تخلّل الأسرار بين المتخالين ، وقد يكونون من الأخيار أو من الأشرار ، وقيل : هى من الخلل ، فكل واحد من الخليلين يسد خلة أو خلل صاحبه ، وفى الحديث : «الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل» رواه أحمد ، ويوم القيامة يستبان من كنا نخالل ، ويومها يقول الذى أساء اختيار الخليل : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (الفرقان ٢٨) ، وفيه قال القائل :
من لم تكن فى الله خلّته |
|
فخليله منه على خطر |
وقال :
إذا ما كنت متخذا خليلا |
|
فلا تثقنّ بكل أخ إخاء |
فإن خيّرت بينهم فالصق |
|
بأهل العقل منهم والحياء |
فإن العقل ليس له إذا ما |
|
تفاضلت الفضائل من كفاء |
وفى القرآن عن يوم القيامة : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) (البقرة ٢٥٤).
* * *
١٢٢٨ ـ دار المتقين
هى إما دار الدنيا ، يمتحن فيها المؤمنون ، ويختبر إيمانهم ، ويكشف عن خشيتهم من