التعليم الأجنبى ، وإلغاء الطبقة الوسطى ، ودعم الأغنياء واقتصاد المترفين ، وتحديد عدد وقدرات الجيوش الوطنية ، إلى آخر ما ينبئ عن سوء الطوية وخبث النية وجفاء الطبع مما كان للأعراب قديما.
* * *
١٢٠٧ ـ الأعراف وأصحاب الأعراف
الأعراف : جمع عرف ، وهو كل عال مرتفع ، فبظهوره يعرف من المنخفض. والله تعالى أعلم بما يعنى بالأعراف ، والمصطلح إسلامى محض ، ولذا حار المستشرقون فى ترجمته ، ومن هذه الترجمات أن الأعراف Height أى المرتفعات ، وهى ترجمة مضحكة ، ومنها ترجمة دانتى أنهاPurgatory ، أى المطهر ، فتجاوزت الترجمة المعنى. وفى اللغة يقال عرف الفرس ، وعرف الديك ، فالأعراف سور له عرف كعرف الديك ، أى له شرفة. وفى الآية : (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) (الأعراف ٤٦) ، فالأعراف هم الذين يعرفون أصحاب النار من أصحاب الجنة ، ويفرزون كلا بسيماهم ؛ وقيل : الأعراف حجاب بين أصحاب النار وأصحاب الجنة (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ) (الحديد ١٣) ، فالسور هو الحجاب ويتوسط بينهما ، وحرّاس السور هم «أصحاب الأعراف». وقيل : أصحاب الأعراف هم من استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فلم يدخلوا الجنة ولا النار. وقيل : هم فضلاء المؤمنين والشهداء من الصالحين والعلماء ، عرفوا مكانتهم ، ووقفوا يطالعون حال غيرهم ، فيتعوّذون ممن يلقى فى النار ، ويسرّون لمن يدخل الجنة. وقيل : هم عدول القيامة ، يشهدون على الناس من أصحاب الجنة وأصحاب النار بأعمالهم. وقيل : هم ملائكة مكانهم هذا السور ليميّزوا من يدخل الجنة ومن يدخل النار. فإن قيل : ولكن الآية تقول إنهم «رجال» ولا يجوز تسمية الملائكة بالرجال؟ قيل : ولكن الله تعالى سمّى الجن بالرجال : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) (الجن ٦) ، فلما ذا لا تسمى الملائكة بالرجال؟ وقيل : الأعراف جبل أحد يمثل فى الجنة والنار ، ويحبس عليه أقوام يعرفون كلا بسيماهم. وفى الحديث : «إن أحدا على ركن من أركان الجنة» ، قيل الركن المقصود به الأعراف ، يتعرّفون على أصحاب الجنة وأصحاب النار ، ويميزونهم بسيماهم. والأصح الاقتصار على القول فى مسائل الغيب بنصوص الآيات دون زيادة ولا نقصان. «وسورة الأعراف» سميت كذلك باعتبارها السورة الوحيدة التى تتضمن تعريفا بالأعراف وتذكر هذا المصطلح ، وهى مكية إلا من ثمانى آيات ، من الآية ١٦٣ إلى غاية الآية ١٧٠ فإنها مدنية ، وآياتها ٢٠٦ نزلت بعد ص ، وهى التاسعة والثلاثون فى النزول ، والسابعة فى المصحف (انظر عرفات).
* * *