رسم الموصون دون تعديل ولو كان فيها جنف أو إثم ؛ وقيل : الآية لذلك ينسخها قوله : (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) (البقرة ١٨٢) ، وهذا التأويل متكلّف فإن الخوف من عدم تنفيذ الوصية كما هى لا يماثل الخوف على الأولاد الضعاف يخلفهم المورث وراءه.
والآية : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (١٠) (النساء) : قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) (البقرة ٢٢٠) ، والحقيقة أنها لم تنسخها ، فآية سورة البقرة تتحدث عن معاملة اليتامى المعاملة الواجبة ، وآية سورة النساء تتوعد من يأكل أموالهم ظلما ، ولا تعارض بين الآيتين.
والآية : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) : قيل : نسختها آية الزنا : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (النور) ، والصحيح أنه لا نسخ ولا تعارض ، لأن (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) عن السحاق بين الإناث ، وكذلك الآية : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) عن اللواط بين الذكور ، وكلّ من السحاق واللواط ليس بزنى ، وحكم السحاق مختلف عن حكم اللواط ، والاثنان يختلف حكمهما عن حكم الزنى.
والآية : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) (النساء ٢٢) : قيل : نسختها بقية الآية : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ، وهى استثناء ولا تعتبر نسخا.
والآية : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ) (النساء ٢٣) : قيل : نسختها بقية الآية : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ، وهى استثناء ولا تعتبر نسخا.
والآية : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) (النساء ٢٤) : قالوا : نسختها الآية الأولى من سورة الطلاق ، أو آية ميراث الزوجين ، أو نسختها السنّة ، أو نسختها تلك الآيات والسنة جميعا. وفسّروا الاستمتاع بأنه زواج المتعة ، وهو أن يقول لها : أتزوجك يوما أو ما أشبه ذلك ، على أن لا عدّة لها ، ولا ميراث بينهما ، ولا طلاق ، ولا شاهد يشهد على ذلك ، وهذا هو الزنا بعينه. وأهل العلم على أن الاستمتاع فى الآية هو الوطء فى النكاح الصحيح ، فيؤتيها مهرها إذا دخل بها ، كقوله : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (النساء ٤) ، والأجور والصدقات كلاهما هو المهور ، والآية لم تنسخ وهى محكمة ، ولا علاقة لها بنكاح المتعة ، وإنما هى تتكلم عن الدخول بالزوجة.