٢ ـ وفى قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) (٢٣) : قيل : أراد النبىّ صلىاللهعليهوسلم أن يرى جبريل فى الصورة التى يكون بها عند ربّه عزوجل ، فأتاه وقد سدّ الأفق ، فلما نظر إليه النبىّ صلىاللهعليهوسلم خرّ مغشيا عليه ، فقال المشركون إنه مجنون ، فنزلت (وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) (٢٣). وقيل : نزلت لمّا رأى النبىّ صلىاللهعليهوسلم جبريل فى صورته ، ورآه من قبل المشرق ، لأن هذا الأفق إذا كانت منه تطلع الشمس فهو مبين.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢٩) : قيل : لما نزلت (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (٢٨) (التكوير) ، قال أبو جهل : الأمر إلينا إذن ، إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم. فنزلت : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢٩). وقيل إن مقالة أبى جهل هى بعينها مقالة القدرية ، فإنه يتكلم عن القدر ، وأبو جهل إذن رأس القدرية. وهذا كلام جديد فى التأريخ لفرقة القدرية ، من القدر والقدرة بمعنى الاستطاعة ، يقولون : إن الإنسان مريد لأفعاله قادر عليها. والقدرية بهذا المعنى كأصحاب مذهب حرية الإرادة. والآية لا تنفى حرية الإرادة ، ولكنها تنفى أن لا يكون لله تعالى دور فى هداية الإنسان ، لأنه تعالى هداه هداية دلالة ، ويهديه هداية معونة. ومن جهة أخرى فإن مشيئة الخلق بخلاف مشيئة الخالق ، فمشيئة الخلق اختيار بين أمرين كل منهما ممكن الوقوع ، فيترجّح أحدهما لمزيد مصلحة وفائدة ، ولكن مشيئة الله هى اختياره الثابت إذا لا يصح لديه تردّد ولا إمكان حكمين. والإنسان قد يريد الهداية وتقصر عنها ظروفه أو إمكاناته ، فإذا شاء الله له الهداية هيّأ له أسبابها ويسّرها ، فذلك معنى (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢٩) ، أى أنه تعالى إذا رأى من العبد أخذا بما هداه إليه دلالة ، ساعده على الهداية معونة.
* * *
١٠٩٣ ـ فى أسباب نزول آيات سورة الانفطار
١ ـ فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (٦) : قيل : نزلت فى الوليد بن المغيرة ؛ وقيل : نزلت فى أبىّ بن خلف ؛ وقيل : نزلت فى الأسد بن كلدة الجمحى.
* * *
١٠٩٤ ـ فى أسباب نزول آيات سورة المطففين
٢ ـ فى قوله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١) : قيل : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، كان أهلها من أخبث الناس كيلا فأنزل الله عزوجل : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) فأحسنوا الكيل بعد ذلك. وقيل : نزلت السورة فى رجل يعرف بأبى جهينة ، واسمه عمرو ، وكان له مكيالان ،