١٠٨٦ ـ فى أسباب نزول آيات سورة القيامة
١ ـ فى قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) (٣) : قيل : نزلت هذه الآية فى عدىّ بن ربيعة ، قال للنبىّ صلىاللهعليهوسلم : حدثنى عن يوم القيامة متى تكون؟ وكيف أمرها وحالها؟ فأخبره النبىّ صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فقال له : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ، ولم أو من به ـ أى يوم القيامة ـ ، أو يجمع الله العظام؟ فنزلت الآية. وقيل : نزلت فى عدو الله أبى جهل حين أنكر البعث بعد الموت.
٢ ـ وفى قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١٧) : قيل : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا نزل عليه القرآن يحرك به لسانه ، يريد أن يحفظه ، فأنزل الله الآية ، فكان يحرّك به شفتيه. وفى رواية أخرى : أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم كان يعانى من التنزيل شدّة ، وكان يحرّك شفتيه ، فأنزل الله عزوجل : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (١٦) ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع ، وإذا انطلق جبريل ، قرأه.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥) : قيل : لما نزلت (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) (٣٠) (المدثر) ، قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ، يخبركم ابن أبى كبشة (أى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، يقولها استهزاء ، والكبشة المعروفة هى الحفنة) ، أن خزنة جهنم تسعة عشر وأنتم الدّهم (الصناديد)! أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم؟! فأوحى الله إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يأتى أبا جهل فيقول له : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥). وعند النسائى عن سعيد بن جبير ، أنه سأل ابن عباس عن قوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥) ، قال له : أشيء قاله رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قبل نفسه أم أمره الله به؟ يقصد قوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) قال : بل قاله من قبل نفسه ثم أنزله الله. وفى الرواية : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج من المسجد (يقصد الكعبة) ذات يوم فاستقبله أبو جهل على الباب مما يلى باب بنى مخزوم ، فأخذ رسول الله بيده فهزّه مرة أو مرتين ثم قال (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) ، فقال له أبو جهل : أتهددني؟ فو الله إنى لأعز أهل الوادى وأكرمه! فنزلت الآية على رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما قالها لأبى جهل. وفى رواية : أن أبا جهل بن هشام أقبل يتبختر ، فأخذ النبىّ صلىاللهعليهوسلم بيده فقال : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥) ، فقال أبو جهل : ما تستطيع أنت ولا ربّك لى شيئا! إنى لأعز من مشى بين جبليها! (يقصد جبلي مكة) فلما كان يوم بدر أشرف على المسلمين فقال : لا يعبد الله بعد هذا اليوم أبدا. فضرب الله عنقه ، وقتله شرّ قتلة.