«أحذر هذا فإنه يضلك» ، فسأل الولد أباه أن ينزله ، وأمسك بحجر ورمى به نوحا فشجّ رأسه! فحينئذ غضب نوح ودعا عليهم ، ونزلت الآية. واستثنى نوح نفسه ووالديه ومن آمن به ، فنزلت الآية بهم : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) (٢٨).
* * *
١٠٨٣ ـ فى أسباب نزول آيات سورة الجن
١ ـ فى قوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) (١) : قيل : عن ابن عباس : ما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الجن ولا رآهم ، وإنما أوحى إليه قول الجن ، أنهم استمعوا إلى تلاوته للقرآن وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر ، قيل كان فى مكان يقال له بطن نخلة من تهامة ، فنزلت الآية.
٢ ـ وفى قوله تعالى : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) (٦) : قيل : أنه لما بعث النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، خرج أناس من بنى تميم هربا ، فأتوا على ملأة من الأرض ، وكانوا إذا أمسوا بمثلها يقول شيخهم : إنا نعوذ بعزيز هذا الوادى من الجن الليلة ، فقيل لهم : إنما سبيلكم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؛ من أقرّ بها آمن على دمه وماله. فرجعوا ودخلوا الإسلام ، فكانوا لا يرون إلا أن هذه الآية نزلت فيهم ، والصحيح أنها نزلت فى كل من يعوذ بالجن وهم كثر فى كل العالم ، حتى فى أوروبا وأمريكا ، ومن غير المسلمين من النصارى واليهود. وقيل : إن رجلا من تيم كان يسير فى فلاة فغلبه النوم ، فنزل عن راحلته وأناخها يريد أن ينام ، فتعوّذ بجن الوادى ، فرأى فى منامه من يأمره : إذا نزلت واديا لا تعذ بالجن ، وإنما بربّ محمد. فلما كان الصبح غذّ السير إلى النبىّ صلىاللهعليهوسلم فأسلم ، فكانوا يرون أنه هو الذى أنزل الله فيه : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) (٦).
٣ ـ وفى قوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (١٦) : قيل : نزلت فى كفار قريش حين منع المطر سبع سنين.
٤ ـ وفى قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١٨) : قيل : قالت الجن كيف لنا أن ندعو فى المساجد ونأتى فيها الصلاة؟ فنزلت : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ ..) أى بنيت لذكر الله ، يذكره البشر وليس الجن ؛ والصحيح أن الذين قالوا ذلك المشركون ، كانوا يريدون أن يدعوا لله وللأصنام.
٥ ـ وفى قوله تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) (١٩) :