تُرْحَمُونَ) (١٠) : قيل : نزلت فى أخوّة الدين والحرمة لا فى أخوة النسب ، ولهذا قيل : أخوة الدين أقوى من أخوة النسب ، فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين. وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب.
٨ ـ وفى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (١١) : قيل : نزلت فى ثابت بن قيس بن شماس ، وكان فى أذنه وقر ، فإذا سبقوه إلى مجلس النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، أوسعوا له إذا أتى حتى يجلس ليسمع ما يقول. فأقبل ذات يوم وقد فاتته من صلاة الفجر ركعة مع النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فلما انصرف النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، أخذ الصحابة مجالسهم منه ، فربض كل رجل منهم بمجلسه وعضّوا فيه ، فلا يكاد يوسع أحد لأحد ، حتى يظل الرجل لا يجد مجلسا فيظل قائما ، وجاء ثابت ليجلس وبلغ قرب النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وطلب من يليه أن يتفسّح فقال له الرجل : قد وجدت مجلسا فاجلس ، فجلس ثابت من خلفه مبغضا ، ثم قال : من هذا؟ فقالوا فلان : فقال ثابت : ابن فلانة! يعيّره بها ، فاستحيا الرجل فنزلت الآية. وقيل : نزلت فى وفد بنى تميم لمّا استهزءوا بفقراء الصحابة ، مثل : عمّار ، وخبّاب ، وابن فهيرة ، وبلال ، وصهيب ، وسلمان ، وسالم مولى أبى حذيفة ، وغيرهم ، لما رأوا من رثاثة حالهم ، فنزلت فى الذين آمنوا منهم. وقيل : نزلت فى عكرمة بن أبى جهل حين قدم المدينة مسلما ، وكان المسلمون إذا رأوه قالوا : ابن فرعون هذه الأمة؟! فشكا ذلك إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت الآية.
٩ ـ وفى قوله تعالى : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ...) (١١) : قيل : نزلت الآية فى نساء النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، عيّرن أم سلمة بالقصر. وقيل : نزلت فى عائشة أشارت بيدها إلى أم سلمة على معنى : إن أم سلمة قصيرة. فنزلت الآية. وقيل : إن صفية بنت حيىّ أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله ، إن النساء يعيّرننى ويقلن لى : يا يهودية بنت يهوديين! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هلّا قلت : إن أبى هارون ، وإن عمى موسى ، وأن زوجى محمد» ، فأنزل الله هذه الآية.
١٠ ـ وفى قوله تعالى : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ...) (١١) : قيل : كان الرجل فى الجاهلية يكون له الاسمان والثلاثة ، فيدعى ببعضها ، فعسى أن يكرهه ، فنزلت الآية. وقيل : كانت الألقاب فى الجاهلية ، فدعا الرسول صلىاللهعليهوسلم رجلا منهم بلقبه ، فقيل له : يا رسول الله ، إنه يكرهه ، فأنزل الله الآية. وقيل : نزلت الآية فى بنى سلمة ، فلما قدم النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، لم يكن فيهم الرجل إلا وله اسمان أو ثلاثة ، فكان إذا دعا أحدا منهم