جهل بن هشام ، وشيبة وعتبة ابني ربيعة بن عبد شمس ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل ، وأبا معيط ، مشوا إلى أبى طالب فى مرضه ، فقالوا : أنت سيدنا ، فأنصفنا فى أنفسنا ، واكفنا أمر ابن أخيك وسفهاء معه ، فقد تركوا آلهتنا ، وطعنوا فى ديننا! فأرسل أبو طالب إلى النبىّ صلىاللهعليهوسلم فقال له : إن قومك يدعونك إلى السواء والنصفة. فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «إنما أدعوهم إلى كلمة واحدة» ، فقال أبو جهل : وعشرا ـ أى وعشر كلمات وليس كلمة واحدة. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تقولون لا إله إلا الله» ، فقاموا وقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا؟! إن هذا لشىء عجاب! ـ والعجاب هو الذى تجاوز حدّ العجب. والعجاب حقا أن تتعدّد الآلهة لا أن تتوحّد!
* * *
١٠٥١ ـ فى أسباب نزول آيات سورة الزمر
١ ـ فى قوله تعالى : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ...) (٣) : قيل : هؤلاء هم كفار قريش ، كانوا إذا قيل لهم : من ربّكم وخالقكم؟ ومن خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء؟ قالوا الله ، فيقال لهم : وما معنى عبادتكم الأصنام؟ يقولون : ليقرّبونا إلى الله زلفى ويشفعوا لنا عنده ، وقيل : الآية نزلت فى ثلاثة أحياء : عامر ، وكنانة ، وبنى سلمة.
٢ ـ وفى قوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٩) : قيل : الآية نزلت فى عثمان بن عفان ؛ وقيل نزلت فى أبى بكر وعمر ؛ وقيل : إن القانت فى الآية هو عمّار بن ياسر ؛ وقيل : نزلت الآية فى صهيب وأبى ذرّ ، وابن مسعود ، وسالم مولى أبى حذيفة.
٣ ـ وفى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ) (١٧) : قيل : نزلت فى عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد ، وسعيد ، وطلحة ، والزبير ، فأخبرهم أبو بكر بإيمانه ، فآمنوا. وقيل : نزلت فى زيد ابن عمرو بن نفيل ، وأبى ذرّ الغفارى ، وسلمان الفارسى. فهؤلاء لم يعبدوا الأوثان فى جاهليتهم ، واتّبعوا أحسن ما صار القول إليهم ، فأولئك الذين هداهم الله.
٤ ـ وفى قوله تعالى : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) (١٩) : قيل : نزلت الآية لمّا كان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يحرص على إيمان قوم ويدعوهم باستمرار وهم لا يستجيبون. وقيل : المراد بالآية هو أبو لهب وولده ، ومن تخلّف من عشيرة النبىّ صلىاللهعليهوسلم عن الإيمان. والمعنى : أفأنت تنقذ من حقّت عليه كلمة العذاب؟