لو كانوا يحضرون قتالا من أجل الإسلام ، فلما كان يوم أحد وانهزم من انهزم ، تجلّدت فئة حتى قتلوا ، ومنهم أنس بن النضر ، عم أنس بن مالك ، فلما انكشف المسلمون قال : اللهم إنى ابرأ إليك مما جاء به هؤلاء ـ يقصد المشركين ، وباشر القتال وقال : إيها إنها ريح الجنة! إنى لأجدها! ومضى حتى استشهد ، قال أنس : فما عرفناه إلا ببنانه ، ووجدنا فيه بضعا وثمانين جراحة ، وفيه وفى أمثاله نزلت : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ...) والآية عتاب فى حقّ من انهزم.
١٤ ـ وفى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (٢٩) : قيل : إن نساء النبىّ صلىاللهعليهوسلم تظاهرن ، وجاء عمر بن الخطاب يتحرّى الأمر ، فقال له النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «هن حولى كما ترى يسألننى النفقة» ، فقام أبو بكر إلى عائشة يحاسبها ، وقام عمر إلى حفصة ، وكلاهما يقول : تسألن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما ليس عنده؟! فقلن : والله لا نسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا أبدا ليس عنده. ثم اعتزلهن النبىّ صلىاللهعليهوسلم شهرا أو تسعة وعشرين يوما ، ثم نزلت هذه الآية.
١٥ ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٣٥) : قيل : روى الترمذى عن أم عمارة الأنصارية : أنها أتت النبىّ صلىاللهعليهوسلم فقالت : ما أرى كل شىء إلا للرجال ، وما أرى النساء يذكرن بشيء ، فنزلت هذه الآية.
١٦ ـ وفى قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٣٦) : قيل : سبب نزول الآية : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطب زينب بنت جحش ، وكان بنت عمته ، فظنت أن الخطبة لنفسه ، فلما تبين أنه يريدها لزيد بن حارثة ، كرهت وأبت وامتنعت ، فنزلت الآية. وقيل : الآية نزلت فى أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط ، وكانت قد وهبت نفسها للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فزوّجها من زيد بن حارثة ، فكرهت ذلك هى وأخوها ، وقالا : إنما أردنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فزوّجنا غيره ، فنزلت الآية بسبب ذلك.
١٧ ـ وفى قوله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها