١٩ ـ وفى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٨) : قيل : نزلت فى أسماء بنت مرثد ، دخل عليها غلام لها كبير ، فاشتكت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت عليه الآية. وقيل نزلت الآية لما كان الناس لا غلق لهم ولا أبواب ، ولا لبيوتهم ستور ولا حجال (ستور بالثياب) ، فربما دخل الخادم أو الولد أو البنت ، والزوج مع زوجته فى الفراش ، فأمرهم بالاستئذان فى تلك العورات.
٢٠ ـ وفى قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ ...) (٦١) : قيل : كان الرجل فى زمن الرسول صلىاللهعليهوسلم إذا استضاف أعمى أو أعرج أو مريضا ، فقد يذهب به إلى بيت أبيه ، أو أخيه ، أو أخته ، أو عمّته ، أو خالته ، فكان المرضى يتحرّجون من ذلك ويقولون : إنهم يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم ، فنزلت هذه الآية رخصة لهم. وقيل : كان أهل المدينة قبل أن يبعث النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، لا يخالطهم فى طعامهم أعمى ، ولا مريض ، ولا أعرج ، لأن الأعمى لا يبصر طيب الطعام ، والمريض لا يستوفى كما يستوفى الصحيح ، والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام ، فنزلت الآية ترخّص بمؤاكلتهم. وقيل : كانوا يتقون أن يأكلوا مع الأعمى والأعرج ، فنزلت الآية. وسألوا : ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هنا؟ وقيل : إن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا أبناءهم ، وكانوا يدفعون إليهم مفاتح أبوابهم ويقولون : قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما فى بيوتنا ، وكانوا يتحرّجون من ذلك ويقولون : لا ندخلها وهم غيّب ، فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم.
٢١ ـ وفى قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٦١) : قيل : نزلت فى بنى ليث بن بكر ، وهم حىّ من بنى كنانة ، وكان الرجل منهم لا يأكل وحده ، ويمكث أياما جائعا حتى يجد من يؤاكله. وكانت هذه السيرة موروثة عندهم ـ قيل عن النبىّ إبراهيم ، فإنه كان لا يأكل وحده. وكان بعض العرب إذا كان له ضيف لا يأكل إلا أن يأكل مع ضيفه ، فنزلت الآية مبينة سنة الأكل ، تبيح أكل المنفرد الذى كان محرّما عند العرب ، وتوافقهم على أكل الجماعة ، يعنى إن الأكل جميعا أو أشتاتا مباح ،