سجاياه ، فلا يؤتى فى غفلة ، ولا يخدع لغرة ، ويكون ذا هيبة إذا أوعد ، ووفاء إذا وعد ، وصدوقا إذا نصح ، وصادقا إذا أشار ، ولا يعيّن بالواسطة ، ولا يختار إذا زكّى نفسه وسعى للمنصب ، ويسبق تعيينه اختبار لياقة ، فإذا اختير فعلى المسئولين أن يستقسموه أن يتولى عمله بنزاهة واقتدار ، وأن ينأى بنفسه أن يكون جبّارا أو عسوفا يقطع ذا الحجة عن حجته ، ولا يستنكف عن سؤال أهل العلم ، وتحرّى شهادة الشهود ، فإذا عرف عنه الفسق ، أو زوال العقل ، أو أصيب بمرض يمنعه من القضاء ، أو اختلفت فيه بعض شرائط القضاء ، فإنه ينعزل. ويجوز له عيادة المرضى ، وشهود الجنائز ، وزيارة الإخوان والصالحين من الناس ، بشرط أن لا يخل ذلك بواجبات وظيفته ، أو ينقص من هيبته ، ولا يشتغل بالتجارة ، ولا يلبى الولائم إذا كثرت ، ولا أن يشارك فى انتخاب إلا ما يخص عمله ، ولا أن يقبل الهدية ، وتحرم عليه الرشوة ، وراشيه ملعون. ويكره من القاضى أن يفتى ، ويستحب له حضور أهل العلم مجلسه ، وأن يشاور الموافقين والمخالفين ، ويسألهما عن حجّتهما ، ولا يحكم إلا عن بيّنة وإقرار ، وقد يحتاج الأمر إلى أن يقضى باليمين مع الشاهد ، فإذا قضى فيلزم أن يكتب صيغة الحكم مبيّنة.
* * *
٢٣١١ ـ الدعوى
الدعوى : هى مطالبة شخص شخصا آخر بحقّ يدعيه عليه ، وقد يكون هذا الحق عينا ، أو دينا ، أو خيارا ، أو شفعة ، أو بنوة ، أو زوجية ، أو جناية ، إلخ ، وأركانه ثلاثة : المدّعى ، والمدّعى عليه ، والمدّعى به. والدعوى فى القرآن هى المطالبة ، كقوله تعالى : (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (٧٣) (الحج) ، والطالب : هو المدّعى ، وهو من يلتمس بقوله أخذ شىء من غيره ، أو إثبات حقّ فى ذمته ؛ والمطلوب : هو المدّعى به ، يطلبه المدّعى من المدّعى عليه ، ملكا ، أو استحقاقا ، أو صفقة أو نحو ذلك ، ولا تصحّ الدعوى إلا من حائز التصرف ، ويشترط فيه : العقل ، والبلوغ ، والرشد ، وأن تكون الدعوى لنفسه أو لمن له الدعوى عنه ، بالولاية ، أو الوكالة ، أو الوصاية ، أو القيمومة ، أو الأمانة ، أو الحسبة ، بمعنى أن يكون المدّعى «صاحب مصلحة» على نحو من الأنحاء ، فإن لم تكن له علاقة من أى وجه فلا تسمع دعواه ، وتسمى هذه الدعوى تبرعية. والقول المشهور فى الدعاوى : البيّنة على من ادّعى ، واليمين على من أنكر ، وقد تكون البينة بالعكس ، بأن يظهر المدّعى عليه بالبينة عكس الادعاء ، كأن تدّعى امرأة أنها زوجة رجل ، فينكر ويقيم البينة على أنها زوجة آخر. وكذلك يشترط فى المدّعى عليه : العقل ، والبلوغ ، والرشد. ويشترط فى المدّعى به