أيضا. وفى الحديث : «المؤمنون عند شروطهم» وهذا شرط. ورهن المشاع جائز ، كالأرض أو البيت ، إذا قبضه المرتهن. وكذلك يجوز رهن ما فى الذمة ، لأنه مقبوض ، ولأنه يجوز بيعه ، ولأنه مال تقع الوثيقة به ، قياسا على سلعة موجودة ، بخلاف من منع ذلك لأنه لا يتحقق إقباضه ، والقبض شرط فى لزوم الرهن ، لأنه لا بدّ أن يستوفى الحق منه عند المحل. والرهن لا يجوز غلقه ، وهو أن يشترط المرتهن أن المرهون بحقه إن لم يأت الراهن بحقه عند أجله يجوز له غلقه ، وكان هذا من شائع الجاهلية ، فأبطله النبىّ صلىاللهعليهوسلم وقال : «لا يغلق الرهن» : ويقدّم المرتهن على سائر غرماء المفلس.
* * *
٢٣٠٨ ـ الغارمون والإفلاس
الغارمون مصطلح قرآنى يرد فى آية منصرفات الزكاة ، فى قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) (٦٠) (التوبة) ، من غرم الدين أى أدّاه ؛ وغرم فى التجارة يعنى خسر ؛ والغرم والغرامة ما يلزم أداؤه من المال ؛ وتغرّم تحمّل وتكلّف الغرامة ؛ والغريم ـ والجمع غرماء ـ هو المديون ؛ والغارمون : هم إذن الذين ركبهم الدين ولا وفاء عندهم. فأفلسوا ، وقد يكون عندهم المال إلا أن ديونهم أكثر من أموالهم ، وخرجهم أكثر من دخولهم. وسمّوا مفلسين لأنهم صاروا من ذوى الفلوس بعد أن كانوا من ذوى الجنيهات والدنانير ، إشارة إلى أنهم صاروا لا يملكون إلا أدنى الأموال ـ وهى الفلوس ؛ أو أنهم مفلسون لأنهم منعوا التصرف إلا فى الشيء التافه وهى الفلوس ، أو لأنهم صاروا إلى حالة لا يملكون فيها فلسا ـ أى مليما أو قرشا. والغارمون والمفلسون لهم نصيب من بيت المال ، وهو شىء ينفرد به الإسلام دون سائر القوانين الوضعية أو الشرعية للملل الأخرى بشرط أن لا تكون ديونهم من سفاهات ، وأن تكون محيطة بهم تستغرق أموالهم. والغارم أو المفلس : إن لم يكن له مال ، أو كان دينه أكبر من ماله ، فهو فقير وغارم معا فيعطى من بيت مال المسلمين بالوصفين. وفى الرواية أن أحدهم أصيب فى ثمار ابتاعها فكثر دينه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تصدّقوا عليه» ، من باب أن المسلمين متكافلون ، فتصدّق الناس عليه ، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه ، فقال الرسول صلىاللهعليهوسلم لغرمائه : «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك» ، وهو مبدأ قانونى فى أحكام التفليس. ويجوز أن يعطى المتحمل فى الصلاح والبرّ من بيت المال ما يؤدّى ما تحمّل به وإن كان غنيا ، بشرط أن يكون ما تحمّله يجحف بماله كالغريم. وكان قبيصة بن مخارق قد تحمّل حمّالة ـ وهى أن يضمن إنسانا فى دين ، أو يدفع عنه دية ـ فأتى النبىّ صلىاللهعليهوسلم يسأله فيها ، فقال له : «أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك