(٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (١٠) (الليل) ، والحسنى هى الخلف من الله على عطائه ؛ والعسرى هى التلف ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا» ، وقوله : «مثل البخيل والمتصدّق كمثل رجلين عليهما جبّتان من حديد ، فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت ـ أى وفرت ـ على جلده حتى تخفى بنانه وتعفو أثره ، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها ، فهو يوسّعها ولا تتسع» ، والمراد أن الجواد إذا همّ بالصدقة انفسح لها صدره ، وطابت نفسه ، فتوسّعت فى الإنفاق ؛ والبخيل إذا حثّ نفسه بالصدقة شحّت فضاق صدره وانقبضت يداه ، فالمنفق مستور فى الدنيا والآخرة ، والشحيح مفضوح فيهما.
* * *
٢٢٢٣ ـ الزكاة واجبة كالصلاة
يأتى عن الزكاة فى القرآن ٣٩ مرة ، منها ٢١ مرة جمعت إليها الصلاة ، كقوله : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٥٥) (المائدة) ، وفى الحديث أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بالزكاة قال : «وتؤدّى الزكاة المفروضة». والزكاة فى اللغة : هى النماء ، يقال زكا الزرع إذا نما ، وزكا المال ؛ وترد بمعنى التطهير ، كقوله : (وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) (١٨) (فاطر). وفى الاصطلاح الزكاة بالاعتبارين معا ، فإخراجها سبب لنماء المال ، ويكثر بها الأجر ، ومتعلقها الأموال ذات النماء كالتجارة والصناعة والزراعة ، ودليله قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما نقص مال من صدقة» ، وقوله : «إن الله يربى الصدقة». وكذلك فإنها مطهّرة للنفوس من البخل والذنوب. والزكاة هى الركن الثالث من الأركان التى بنى عليها الإسلام ، وتطلق على الصدقة الواجبة ، والمندوبة ، والنفقة ، والعفو ؛ وتعريفها : إعطاء جزء من النصاب إذا مرّ عليه عام ، إلى فقير يستحقه ؛ وشرطها : الإخلاص ؛ وحكمها : العمل بأمر الله ؛ وحكمتها : التخفيف عن الناس وإزكاء التكافل بينهم. والزكاة هى «حقّ المال» ، وكان فرضها بعد الهجرة فى السنة الأولى ، وقيل فى السنة الثانية قبل فرض رمضان ، وقبلها جاء أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بصدقة الفطر. والزكاة شرط لبيعة الإسلام ، بقوله تعالى : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) (١١) (التوبة) ، ومن يمنع الزكاة أو لا يأتيها ناقض لعهد البيعة.
* * *
٢٢٢٤ ـ من تجب عليه الزكاة؟
تجب على المسلم ، تام الملك ، متى ملك نصابا خاليا عن الدّين عند تمام حوله ، سواء كان كبيرا أو صغيرا ، عاقلا أو مجنونا ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) (٤) (المؤمنون) ، وقوله : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ