أتته تقول : يا رسول الله ، إنى أردت الحج ، أشترط؟ قال : «نعم». قالت : فكيف أقول؟ قال : «قولى لبيك اللهم لبيك ، ومحلى من الأرض حيث حبستنى» أخرجه أبو داود والدارقطنى وغيرهما. وهذه بشرى للفقراء والمرضى حيثما كانوا ، فما عليهم إلا أن ينووا الحج لله ويتابعوا شعائره فى وسائل الإعلام ، ويلبّوا مع الملبين وإنما حيث حبسهم الله ، وهو تعالى ذو الفضل ، وله الحمد والمنّة. وكانت ضباعة سمينة ولا تستطيع أن تسافر للحج ، وجاءت إلى النبىّ صلىاللهعليهوسلم كما يقول ابن عباس وقالت له : إنى امرأة ثقيلة وإنى أريد أن أحج ، فكيف تأمرنى أن أهلّ؟ قال : «أهلّى واشترطى أن محلى حيث حبستنى». وعذر ضباعة قائم ولن يتغير ، وقول القائلين أنه يتوجب على من أحصر قضاء الحج أو العمرة ، ولا قضاء فى مثل ذلك إلا إذا تغيرت الأحوال ، كأن يجلو العدو ، أو يشفى من المرض ، أو تتغير أحواله المالية ، فحينئذ يتوجب القضاء ، وفى الحديث : «من عرج أو كسر فقد حلّ وعليه حجة أخرى» أخرجه الدارقطنى ، فذلك شأن من يصاب بمرض مفاجئ أو حادث طارئ. وفى عام الحديبية حلّ النبىّ صلىاللهعليهوسلم والمسلمون حيث هم ، ثم قضوا فى العام المقبل ، ولذلك قيل لعمرة النبىّ صلىاللهعليهوسلم من العام التالى لعام الحديبية : «عمرة القضاء» أو «عمرة القضية» ، وإنما لم يأمر النبىّ صلىاللهعليهوسلم أحدا من أصحابه أن يقضوا شيئا ، ولا حفظ ذلك عنه ، ولا قال فى العام المقبل : إن عمرتى هذه قضاء عن العمرة التى حصرت فيها ، ولم ينقل ذلك عنه ، والصحيح أن اسم «عمرة القضاء» أو «القضية» لم يكن لأنها تقضى عن العمرة السابقة التى لم تتم ، وإنما لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قاضى قريشا وصالحهم فى ذلك العام على الرجوع عن البيت على أن يقصده من قابل ، فسميت بذلك عمرة القضية». والخلاصة : أن من أحصر يحلّ بالنية ويفعل ما يتحلل به ، ولا قضاء عليه ، والله أعلم.
* * *
٢١٥٢ ـ حلق الشّعر والتقصير
الحلق والتحليق والتقصير جميعا للرجال ، ولذلك يغلب المذكر على المؤنث فى الآية : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) (٢٧) (الفتح). والحلق أفضل ، وليس للنساء إلا التقصير. وفى الصحيح أن معاوية أخذ من شعر النبىّ صلىاللهعليهوسلم على المروة وهذا كان فى العمرة لا فى الحج ، لأن النبىّ صلىاللهعليهوسلم حلق فى حجته.
* * *
٢١٥٣ ـ الحلق بعد النحر
لقوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (١٩٦) (البقرة) ، فعلى المحرم أن لا يحل قبل أن ينحر هديه ، وكذلك المحصر ؛ والموسر ينحر ، والمعسر ينحر عنه ؛ وأقل الهدى شاة ؛ والمحصر بمرض أو بعدو ينحر مكانه ؛ وإن لم يجد هديا فعليه الإطعام أو