الحديث : «فكلوا وادّخروا وتصدّقوا» ، والأكل فى الذبائح لا يحلّ فى أربع : الكفّارات ، والصيد ، والنذر ، وفدية الأذى. وفى الجاهلية كانوا يحرّمون الأكل من لحوم الضحايا ؛ وفى الإسلام أمرنا بالأكل منها : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا) (الحج ٢٨) ، وفى الحديث : «من ضحّى فليأكل من أضحيته». ويستحب التصدّق بالثلث ، وإطعام الثلث ، وإهداء الأهل من الثلث ؛ وقيل يأكل النصف ويدّخر منه ، ويتصدّق بالنصف ، لقوله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) (٢٨) (الحج) ، وقوله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) (٣٦) (الحج) والفقير يوصف بالبؤس من شدّة الفقر ؛ والقانع هو السائل ، ويقنع يعنى يسأل ؛ والمعتر الذى يتعرض لمن يذبح يسأله منه ، من اعتراه وعراه ، يعنى يطيف بصاحب الأضحية وقد يسأله ، وقد يظل ساكتا. والسنّة فى النحر أن تنحر الإبل قياما مقيدة ، وتنحر البدن قياما ، ولا يعطى الجزّار أجره من الهدى ، وقد يعطى من الهدى صدقة أو هدية أو زيادة على حق. ولا يباع لحم الهدى ولا جلودها ولا جلالها ـ أى كسوتها ، ويتصدّق بها.
* * *
٢١٤٧ ـ البدن من شعائر الله
البدن هى الإبل ، ومفردها بدنة ، مأخوذة من البدانة وهى الضخامة ، وقيل البدانة فى الإبل والبقر ، وقيل البقر لا يقال عليها بدنا ، وقيل البدن تهدى إلى الكعبة ، والهدى فى الإبل والبقر والغنم ، وفيها قوله تعالى : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ) (٣٦) (الحج). والخير فى البدن هو منافعها ، ونحرها لا يكون إلا على اسم الله ؛ وصواف أى تصفّ قوائمها ، والبعير إذا أرادوا نحره تعقل إحدى يديه ، فإذا وجبت جنوبها ، أى سقطت بعد نحرها ، فعندئذ يستحب أن يأكل الإنسان من هديه ، وفيه أجر وامتثال ، وأن يطعم القانع وهو السائل ، والمعتر الذى يطيف بالضحية ولا يسأل.
* * *
٢١٤٨ ـ النحر عام الحديبية
نحر المسلمون مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية سنة ست هجرية فى ذى القعدة : البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة ، واشتركوا معه صلىاللهعليهوسلم فى الحج والعمرة كل سبعة فى بدنة ، ونحروا يومئذ سبعين بدنة ، ونحر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بدنة ، وحلق رأسه. وقيل إن الذى حلق رأسه يومئذ خراشى بن أمية بن أبى العيص الخزاعى ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسلمين أن ينحروا ويحلّوا ، ففعلوا بعد توقّف أغضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالت له أم سلمة : لو نحرت لنحروا ، فنحر رسول الله صلىاللهعليهوسلم هديه ، ونحروا بنحره ، وحلق رأسه ودعا للمحلقين ثلاثا ، وللمقصّرين مرة.