يملكه أحد لنفسه قطّ ، وقيل هو عتيق بمعنى كريم ، والعتق هو الكرم. وقيل : هو عتيق لأن طوفان نوح لم يلحقه.
* * *
٢١١٣ ـ أول بيت وضع للناس للذى ببكة
سأل أبو ذرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن : أول مسجد وضع فى الأرض؟ قال : «المسجد الحرام» ، قال : ثم أى؟ قال : «المسجد الأقصى» قال : كم بينهما؟ قال : «أربعون عاما ، ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصلّ» أخرجه مسلم. غير أن سليمان الذى بنى المسجد الأقصى ، حكم بين سنتى ٦٩١ و ٦٢٠ ق. م ، بينما إبراهيم الذى بنى المسجد الحرام كان فى بداية الألفية الثانية قبل الميلاد ، يعنى أنه بين إبراهيم وسليمان أكثر من ألف سنة. والحديث من الإسرائيليات ، وكأن النبىّ صلىاللهعليهوسلم لا يعرف سلسلة ذرية إبراهيم ، وأنه لا يمكن أن يكون بين إبراهيم وسليمان أربعون سنة!! وفى الآية : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٩٧) (آل عمران) ، يعنى أنه قبل المسجد الحرام لم يوضع قبله بيت للعبادة. وكان اليهود والمسلمون قد تفاخروا ، فقالت اليهود : بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة ، لأنه مهاجر الأنبياء ، وفى الأرض المقدسة. وقال المسلمون : بل الكعبة أفضل. فأنزل الله هذه الآية. وقيل : إن فكرة بيت المقدس لم تكن فكرة داود ، وأنه إنما أراد أن يحقق فكرة موسى ويشوع ، وأما سليمان فقد جدّد ما كان أسّسه داود وأكمله. وأما المسجد الحرام فقد أسسه وبناه إبراهيم وإسماعيل كأمر الله. وروى أن أول من بناه آدم ، فيجوز أن يكون من ولده من وضع أيضا أساس بيت المقدس بعده بأربعين عاما كما فى الحديث! وبكة فى الآية هى موضع البيت ، ومكة سائر البلد. وأيضا فإن بكة هى مكة وإنما بالسريانية ، وفى بلاد الشام مدينة بعلبك (بعل وبك) أى مدينة البعل ، فمعنى بكة أو مكة هو المدينة ، ولذلك أطلق النبىّ على يثرب الاسم العربى «المدينة» المضاهى للاسم السريانى بكة أو مكة. وقيل مكة تصحيف عربى لبكة. وقيل إن اسم بكة مشتق من البك وهو الازدحام ، وسميت بذلك لازدحام الناس فيها فى الطواف. وقيل هى تبكّ المخ من العظم مما ينال قاصدها من المشقة ، أو تبكّ من ظلم فيها ، أى تهلكه. وآيات المسجد البيّنات هى : مقام إبراهيم ، والحجر الأسود ، والحطيم ، وزمزم ، والمشاعر كلها. ومن يدخل الحرم يأمن ، وذلك من آياته ، لأن الناس كانوا يتخطّفون من حوله ، وقد فعل الله ما فعل بأصحاب الفيل من أجل الحرم ، وفيه لا رفث ولا فسوق ولا جدال.
* * *