٢٠٦٣ ـ لحم الخنزير محرّم
حرّم لحم الخنزير أربع مرات في القرآن ، كقوله : (حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) (البقرة ١٧٣) ، وفي المرات الأربع خصّ اللحم من الخنزير ، ليدل على تحريم عين الخنزير ، ذكّى أو لم يذكّ ، وليعمّ الشحم واللحم وما هنا لك من الغضاريف وغيرها. واسم اللحم يقع على اللحم مع الشحم ، وناب اللحم عن الشحم لأنه دخل تحت اسم اللحم ، وجاء عند اليهود تحريم لحم الخنزير فى سفر الأحبار : «والخنزير فإنه ذو ظفر مشقوق ولكنه لا يجتر فهو رجس لكم» ، فشمل التحريم اللحم والشحم جميعا ، والشحم عموما من المحرّمات في اليهودية ، كقوله : «كل شحم من بقر أو ضأن أو معز لا تأكلوه» (أحبار ٧ / ٢٣) ، وفي القرآن عن ذلك : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) (الأنعام ١٤٦) ، والكلام فى الآية عن اليهود ، فإن كانت شحوم البقر والغنم محرّمة فمن باب أولى أن يكون شحم الخنزير محرّما. ولا خلاف في الإسلام أن جملة الخنزير محرمة. وخنزير الماء اسم على غير مسمى ، فإن كان اسمه خنزيرا إلا أنه من دواب البحر ، والمحرم هو خنزير البرّ ، ولا بأس أن يندرج معه خنزير الماء. وقيل : إن لفظة الخنزير في العربية رباعية ولكنها مشتقة من خرز العين ، واللفظة على ذلك ثلاثية. تقول : تخازر الرجل إذا ضيّق جفنه ليحدد النظر ؛ والخزر : ضيق العين وصغرها ، ورجل أخزر أي بيّن الخزر ، وكأنه ينظر بمؤخرة عينيه كالخنزير. وجمع الخنزير خنازير ؛ ويقال تخنزر أي فعل كالخنازير. والخنزير حيوان خلطة ، يعني يمكن أن يأتى الذكر الذكر ، وأن يأتى الكبير الصغير ، وأن تقوم الأنثى على الأنثى ، ولهذا كرهه المصريون القدماء والمسلمون ، إلا النصارى ، يحبون تربيته لأكل لحمه وشحمه وأعضائه جميعا. وقيل : إن الخنزير كان محرّما عند قدماء المصريين ، لأن إله الشر ست تلبّس به ، ولأن الخنزير يفعل أي شيء ، وقد يقتل الخنزير مثله ، وقد يقتل راعيه ، ونقل اليهود ذلك عن المصريين ونسوا سبب كراهيتهم له إلا أنه محرّم ، فتعللوا لتحريمه ولم يذكروا ما ذكرناه عنه ، إلا فقهاء الإسلام ، فإنهم يذهبون إلى ما نذهب إليه ، لأن الإسلام دين عقل ، وعقيدته مبنية على المقدمات السليمة ، ويستوي الخنزير فى التحريم مع الميتة والدم ، وكلها ناقلة للأمراض ومجلبة للأوبئة ، كأمراض ضعف المناعة ، والتهابات الكبد الوبائي ، والطفيليات ، بل ربما كانت هذه المحرمات أخطر مصادر العدوى للإنسان.
* * *
٢٠٦٤ ـ اللحم كطعام
اللحم من جسم الحيوان أو الطير خلاف العظم ، وليس منه الشحم ولا الدهن. واللحم في القرآن في قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (٣) (المائدة) ، ولحم الحيوانات والطيور الميتة حرام ، واللحم المباح هو اللحم المذكّى ، وهو