الأنعام : (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ) (الحج ٣٠) ، ومنها الإبل والبقر والجاموس والغنم والمعز (الأنعام ١٤٣ / ١٤٤) ، والأنعام عموما هى المواشى ، والخيل والبغال والحمير ليست مواش ، ولكنها للركض والعدو. وألبان الأنعام حلال بعكس ألبان الخيل والحمير ، كقوله تعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (٢١) (المؤمنون) فنبّه إلى أن الأنعام للألبان وللحم ، وأما الخيل والبغال والحمير كما فى الآية الأسبق ، فللركوب والزينة ، والخيل كذلك للحرب ، كقوله : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) (الأنفال ٦٠). وعلى ذلك فالروايات فى تحليل لحم الخيل والحمر متهافتة ، وكذلك الروايات فى كراهية لحم الإبل.
* * *
٢٠٦٢ ـ لحم الميتة
الميتة : ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يذبح ويؤكل ، كقوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) (البقرة ١٧٣) ، وفي الحديث : «أحلت لنا ميتتان : الحوت والجراد ...» ، والحوت أي السمك في قوله : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) (المائدة ٩٦) ، وتحليل السمك ميتا بشرط أن لا يكون قد فسد ، والطافي منه فاسد وهو دليل الموت من مرض. وينتفع بالميتة فيدبغ جلدها ، والدبغ يطهّره لأنه يزيل الأوساخ عن الجلد فينتفع به يابسا ، والطهارة فى اللغة تتوجه نحو إزالة أوساخه ؛ وإن خشى منه المرض من الميتة فلا يجوز الانتفاع به ، وفى الحديث : «لا تنتفعوا من الميتة بشيء» ، «ولا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» ، وفي القرآن : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (المائدة ٣) فلم يخصّ وجها من وجه ، وفي الحديث : «أيّما إهاب دبغ فقد طهر» ، والإهاب هو الجلد. وشعر الميتة وصوفها طاهر طالما الحيوان ليس نجسا من قبل الموت ، وفي الحديث : «لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ، وصوفها وشعرها إذا غسل ، ومسكها هو الجلد». والفأرة والحشرة إذا وقعت فى الطعام وماتت فإنها تنجّسه وتفسده وتنقل إليه المرض ، وينبغى إلقاؤه ، وكذلك لو وقع طائر أو حيوان أو ذباب في القدر فلا يؤكل ما فيه. وأنفحة الميتة ولبنها وعظمها وبيضها نجس ، ومثلها القرن ، والظفر ، والحافر ، إلا إذا كانت قد ذكّيت. ولا يطعم الكلب المعلّم ولا الطير المعلّمة الميتة ، ويباح للمضطر أن يأكل من الميتة مقدار ما يسد رمقه ويأمن معه الموت ، كقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) (البقرة ١٧٣) ، والاضطرار لا يخلو أن يكون بإكراه من ظالم ، أو بجوع فى مخمصة يصيّره إليه العدم والغرث ـ أى الجوع ، فإذا أكل المسلم هذه المحرمات فإنه يكون قد أكره وغلب ، ومن ذلك إكراه المسلمين من الأسرى أو الدارسين أن يطعموا لحم الخنزير.
* * *