يسيّب كذلك وقيل : كان الرجل إذا قضيت حاجته أو عوفى من مرضه أو كثر ماله ، سيّب ناقة للآلهة لا يحمل عليها شىء. وفى الحديث : «أول من سيّب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر ، وفى رواية أخرى : إن أول من سيّب السوائب ، وأول من غيّر دين إبراهيم ، هو : عمرو بن لحى أخو بنى كعب. وأول من بحر البحائر رجل من بنى مدلج كانت له ناقتان فجدع آذانهما وحرّم ألبانهما ثم شرب ألبانهما بعد ذلك». وعمرو ابن لحى كان أحد رؤساء خزاعة الذين كانت لهم ولاية البيت بعد جرهم ، وكان أول من غيّر دين إبراهيم فأدخل الأصنام ، ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرّب بها ، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية فى الأنعام وفى غيرها كما فى قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً) (الأنعام ١٣٦). وأما الوصيلة فهي الناقة البكر ، تلد أنثى في أول بطن ، ثم «تصلها» بأنثى أخرى في البطن الثانية وليس بينهما ذكر فيسيّبونها لطواغيتهم ، وهي من الغنم إذا ولدت عشر إناث في خمسة أبطن ، توأمين توأمين فى كل بطن ، «تصل» بينها فتسمى «الوصيلة» وتترك. والحام : هو الفحل الذي يولد لولده ، فيقال حمى ولد الولد ظهره ، فهو حام ، ولا يحملون عليه ، ولا يجزّون له وبرا ، ولا يمنعونه من مرعى يرعاه ، ولا حوض يشرب منه ، حتى وإن كان الحوض لغير صاحبه ، وهذه العادات جاهلية وما شرعها الله ، ولا هى عنده قربة كما ادّعوا. ولا يوجد من ذلك شىء الآن ، والقرآن يؤرّخ لهذه العادات الاجتماعية ، وأبطلها فى حينها.
* * *
٢٠٥٩ ـ تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع
هذه جميعا تنطبق على الحيوان والطيور ، وهي من المحرّمات ، والمنخنقة : هي التى تموت خنقا ، والخنق هو حبس النّفس ، سواء فعل بها ذلك آدمى ، أو اتفق لها ذلك فى حبل ، أو بين عودين أو نحوه ، وكان أهل الجاهلية يخنقون الشاة ويأكلونها كنوع من الذبح. والموقوذة : هى التى ترمى ، أو تضرب بحجر أو عصا حتى تموت من غير تذكية. يقال وقذه وقذا وهو وقيذ. والوقذ : شدة الضرب ، وفلان وقيذ أى مثخن ضربا ، وكان أهل الجاهلية يقتلون الحيوان بضربه ثم يأكلونه. والصيد بالبندقية ، أو النبلة ، أو الحجر ، ليس وقذا ، وهو حلال. والمتردية : هى التى تسقط من العلو فتموت ، كأن تسقط من سطح البيت ، أو فى بئر ، أو من جبل ، والردى هو الهلاك ، سواء تردّت بنفسها ، أو أرداها غيرها. وإذا أصابتها البندقية فتردّت من الجبل إلى الأرض فهى حرام ، لأنها ربما ماتت بالصدمة ، وإن تردّت في بحر أو نهر فلا تؤكل ، لأنك لا تعلم إن كانت قد ماتت بالبندقية أو غرقا ، وكانوا فى الجاهلية يأكلون المتردّية ، لأنهم ما كانوا يعتقدون الميتة إلا ما مات من مرض ، وأما هذه الأسباب فهى كالذكاة ، والشرع حصر الذكاة فى صفة