«فراعنة» مصر ، والتاريخ «الفرعونى» ، وهو خطأ شائع. وكذلك اسم موسى ، من الخطأ البيّن أن يقال أنه اسم عبرانى ، ولكنه اسم تقليد للأسماء المصرية ، فموسى كان اسما ذائعا فى مصر وفى أرض جاسان : بمعنى «عبد» ، ويضاف إليه اسم إله ، فيقال تحتمس ، أى توت موسى ، يعنى عبد الإله توت ، ورمسيس ـ أى رع موسى ، يعنى عبد الإله رع ، كما نقول الآن عبد الصمد ، وعبد الله ، ثم إن موسى لمّا دعا إلى نبذ الآلهة الوثنية ، كان عليه أن يحذف من اسمه ما يخص هذا الإله الوقتى ، فاكتفى بموسى ، أى عبد ، كما يكتفى فى تسمية عبد الله باسم عبد كما فى الشام ، أو اسم عبده ـ كما فى مصر. وأما إدخال حرف S على نهاية الاسم الأفرنجي من Moshe إلى Moses فذلك كان بسبب اللغة اليونانية ، فهكذا يكتب فيها.
* * *
٨١٢. قصة هارون
هارون شقيق موسى ، وأبوهما عمران ، ومنه انحدرت عشيرة العمرانيين ، وكان له ثلاثة من الأبناء هم على الترتيب : مريم الكبرى ، وهارون ، وموسى. وجدّه لاوى يعنى كان كاهنا ، وهارون أطلقوا عليه اسم اللاوى ، وظل هذا الاسم معه ومع أولاده من بعده ، وصار معنى اللاوى الحبر ، واللاويون كانوا سند الدعوة الموسوية ، وظلوا كذلك إلى عهد سقوط الهيكل وتدمير أورشليم سنة سبعين ميلادية. وشارك هارون موسى فى تبليغ الفرعون ، وارتحل معه إلى مصر ، وخاطب رؤساء عشائر بنى إسرائيل فى أرض جاسان من مصر (محافظة الشرقية الآن) ، وكل قصة موسى وهارون وقعت فى أرض جاسان ومع الفرعون الأشورى ممن يقال لهم الهكسوس ، وساعد هارون موسى فى عملية الخروج من مصر (الخروج ٤ / ٢٧ ـ ٣١) ، وكان يده اليمنى ، ويحمل له عصاه ، واشترك فى الحرب مع العماليق ، وكان خلف موسى فى رفيديم (خروج ١٧ / ١٢) ، وأخذ مع ابنيه وسبعين من شيوخ بنى إسرائيل العهد مع الربّ على جيل سيناء ، وقيل إنهم رأوا الربّ وأكلوا وشربوا!! (خروج ٢٤ / ١ ـ ١٠). ورغم كل ذلك فإن هارون أظهر ضعفا فى مسائل كثيرة ، واسمه هارون من هرن السامية ، ومعناها ضعيف البنية والصوت ، وكان هارون من النوع الهزيل ، ولم يكن جهورى الصوت كأخيه ، وعوّض ضعف شخصيته بطلاقة لسانه وقوة بيانه ، فلما غاب موسى على الجبل وأراد الإسرائيليون أن يصنعوا عجلا من الذهب يتعبّدونه ، ويشربون ويمرحون من حوله ، لم يعارضهم هارون ، ومع ذلك غفر الله له ، وعفا عنه موسى ، وعيّنه كاهنا على بنى إسرائيل ، فتأسست به الكهانة اللاوية ، وكان أول رئيس