يعبدوا اليسع! لما ذا؟!
وبعد فهذه حكاية اليسع الذى ورد ذكره فى القرآن ، فقد كان من الأخيار ، أى من المصطفين الذين اصطفوا للرسالة والنبوّة ، فهو يذكر فى القرآن هذا الذكر الجميل فى الدنيا ، والذكر شرف له طالما الدنيا قائمة ، ومن أجل ذلك كان تفضيله على العالمين ، والذّكر فى الآخرة حسن مآب ، يعنى هو المرجع الحسن للحساب. والحمد لله ربّ العالمين.
* * *
قصة موسى والفرعون
٨٠٩. فرعون موسى لم يكن مصريا
الغزو التوراتى للتاريخ المصرى القديم ، وزخم الإسرائيليات لتفسير القرآن حول قصة فرعون موسى ، واضح وصريح فيما يتعلق بالأسماء ، وخاصة اسم فرعون ، ويرد فى القرآن ٧٤ مرة ، وقال مفسرو القرآن أنه اسم كل ملك كان يحكم مصر ، وهذا غير صحيح ، لأن لفظة فرعون كلمة آشورية ، وكانوا يطلقونها على الملوك العماليق ، فظن العرب أن عماليق تعنى جبابرة ، وعلى ذلك كان اسم فرعون يعنى الملك الطاغية ، وأن كل ملك حكم مصر حكما مستبدا فاسمه فرعون ، وأنه اسم كالنجاشى عند الأحباش ، وقيصر عند الروم ، وكسرى عند الفرس. غير أن السّور التى استخدمت الاسم «فرعون» هى التى كان اهتمامها بسرد قصص الأنبياء الثلاثة : إبراهيم ، ويوسف ، وموسى ، وهؤلاء الثلاثة لم يدخلوا مصر بالمعنى الصحيح وإنما اكتفوا بمخالطة حكام إقليمها الشرقى الذى كان اسمه جاسان أو جاشان ، وكان الناس فيه أكثرهم من الأجانب ، وكان عرضة للغزو ، وكان ملوكه لذلك من الأجانب ، وأكثرهم آشوريون ، وعندهم أن الملك الأوحد ، أو الملك الكامل القوى هو الفرعون ، والدليل أن الفرعون كان اسما أجنبيا أنه جاء فى التوراة كلقب للملك شيشق بالعبرية ، الذى هو شيشنق بالمصرية ، وكان شيشنق ليبى الأصل ، والملك سوا ـ وكان معاصرا لهوشع من ملوك إسرائيل (ملوك ٢ / ١٧ / ٤) والملوك ترهاقة أو تهرقا ، ونخو ، وحفرع الذى هو همبريع عند المصريين وإبريز عند هيرودوتس ، والذى أعطى هؤلاء اسم فرعون واختصّهم به هو عزرا أو عزير كاتب التوراة ، ونقله عن الثقافة السامية الأشورية الآرامية السريانية ، ثم نقله المؤرخون الغربيون عن التوراة ومن ثم انتشر الاسم ، وبعد ذلك تعرّب ، وصار منه تفرعن أى تكبّر ، ومنه آل فرعون وهم ملؤه ، والقرآن يذكرهم ثلاث عشرة مرة ، كطغمة فرعون وحاشيته ، وذلك دليل على أنهم كانوا من الأجانب. وقول