إخوة يوسف أحد عشر ، وهم المقصودون بالآية : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) (٧) (يوسف) ، والآية : (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ) (يوسف ٥٨) ، والآية : (لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ) (يوسف ٥) ، والآية : (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) (يوسف ١٠٠) ، والآية : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (٤) (يوسف) ، والكواكب الأحد عشر هم إخوته ، وإن المرء ليدهش لما ذا يعتبر اليهود جاد وأشير ولدى بلهة أمة راحيل ، ودان ونفتالى ولدى زلفة أمة ليئة ، من الأسباط وورّثوهم مع أولاد راحيل وليئة ، واعتبروا إسماعيل ولد الأمة هاجر لا يرث مثل إسحاق ولد الحرّة سارة؟!!!
* * *
٧٨٩. يعقوب الحذر لأنه ذو علم ومن المتوكلين
الحذر صفة يعقوب ، وإيمانه يسبق حذره ، وإنه لذو علم ، ومن علمه أن الحذر لا يغنى من القدر ، ولقد حذّر ابنه يوسف من إخوته فقال : (يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) (يوسف) ، إلا أنه كان يعلم أن الله غالب على أمره ، وما حذره عرف ، وأطلع يوسف إخوته على الحلم. ولم يكن يعقوب يأتمن أولاده على يوسف ومع ذلك عهد به إليهم وقال : (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) (١٣) (يوسف) ، فجاءوا إليه ينعون أخاهم فعلم مرة أخرى أن أمر الله غالب وقال : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) (١٨) (يوسف) ، وبعد ذلك بسبعين سنة عادوا إلى طلب بنيامين الأخ الأصغر ليوسف ، فأذعن لطلبهم واستسلم لأمر الله وقال : (هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٦٤) (يوسف) ، ولم يرسله معهم إلا بعد أن تعهدوا أن يأتوا به إلا أن يحاط بهم ، وقال لهم مقالته المشهورة فى الحذر : (يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (٦٧) (يوسف) ، والدخول من عدة أبواب آمن على الجماعة ، كنافقاه الفأرة ، جعلت لبيتها أبوابا عديدة حذرا ، والحذر واجب ، كقوله : (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٦٨) (يوسف) ، فكان يعلم أن أمر الله غالب ، وأنه لا حكم إلا لله وعليه فليتوكل المتوكلون ، ويعقوب كان من المتوكلين ، وإنما تحذيره لهم اقتضاه العقل ، ولا حذر مع قدر ، إلا أن ما كان فى خاطره أن يقوله لهم قاله ، والآية تدل : على أن المسلم عليه أن يحذّر أخاه مما يخافه عليه ، وأن يرشده إلى ما فيه طريق السلامة والنجاة ، فإن الدين النصيحة ، والمسلم أخو المسلم.
* * *