لفضلها ولأنها أساس الإسلام ، والصلاة بمكة أفضل من الصلاة بغيرها ، وفى الحديث : «صلاة فى مسجدى هذا (مسجد المدينة) أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام. وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من صلاة فى مسجدى هذا بمائة صلاة». وقوله : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ، يعنى يهوون السكنى بمكة ، وقال : «من الناس» ولم يقل «الناس» ، ولو قال «الناس» لازدحم على البيت كل الناس من كافة الأرجاء ، ولكنه قال : «من الناس» أى بعضهم ـ وهم الحجيج والمعتمرون والزوّار ، وقال : «وارزقهم من الثمرات» ، فاستجاب الله له ، وأنبت لهم بالطائف سائر الأشجار ، وجلبت إليهم الثمار من كافة الأمصار ، وكانت قبائل جرهم أول من سكن مكة لمّا اكتشفوا زمزم ، واستقلبتهم أم إسماعيل ونزلوا إلى جوارها بأهلهم ، وشبّ إسماعيل وسط هؤلاء إلى أن شارك أباه بناء الكعبة والبيت ، ثم إن أم إسماعيل توفيت فدفنها ابنها بالحجر فى البيت ، ولمّا مات دفن معها.
* * *
قصة النبىّ لوط
٧٨٠. لوط فى التوراة والقرآن
يشتمل سفر التكوين من أسفار موسى الخمسة على قصة لوط ، ويتناول دراسة القصة فى التوراة والقرآن المستشرقون : كينيستلينجر ، وجايجر ، وجرينباوم ، وهوروفتس ، وووكر ، والإجماع بينهم على : أن القرآن أخذ القصة عن التوراة ، ولكنهم جميعا لا يهتمون بالفارق بين القصتين ، وشخصية لوط فيهما ، بقدر اهتمامهم بتأويلات المفسرين المسلمين من أمثال ابن الأثير ، وهى تأويلات كلها بتأثير الإسرائيليات وتكثر بها أسماء للمدن والأماكن ما أنزل الله بها من سلطان ، وأصلها الميثولوجيا الدينية اليهودية ، وليست من القرآن فى شىء. وملخص قصة لوط فى التوراة : أن لوطا كان ابن أخى إبراهيم ، وعلى ملّته ، وكان يسكن سدوم القريبة من بلوط ممرا حيث خيام إبراهيم وملؤه ، وأن ثلاثة ملائكة (التكوين ١٨ / ٢) مرّوا على إبراهيم ينبئونه بسوء مآل سدوم ، بعد أن كثرت خطيئة أهلها وعظمت ، ويحاول إبراهيم أن يثنيهم عن خراب المدينة فيرفضون ، ويولون فى طريقهم ، غير أن من يصل سدوم من الثلاثة يكون ملكين اثنين فقط (التكوين ١٩ / ١) ، ويعلم أهل البلد بخبر هذين الغريبين ، فلما كانوا يأتون الرجال فقد ازدحموا على بيت لوط يطالبون بالغريبين ليفعلوا بهما الفاحشة ، ويعرض لوط عليهم الزواج من ابنتيه فيرفضون ، ويعيّرونه بأنه غريب فى ديارهم ويتحكم فيهم ، ويحاولون كسر الباب ، إلى أن طلع الفجر فأخذ لوط امرأته وابنتيه