تتمخّض ، لأن أبناء المهجورة أكثر من أبناء ذات البعل» (غلاطية ٤ / ٢٧) ، ثم يقول : «فنحن أيها الإخوة أبناء الموعد (يعنى النصارى) مثل إسحاق ، غير أنه كما كان حينئذ المولود بحسب الجسد يضطهد المولود بحسب الروح ، فكذلك الآن» ، ثم يقول : «ما ذا يقول الكتاب : اطرد الأمة وابنها ، فإن ابن الأمة لا يرث مع ابن الحرة. إذن أيها الأخوة لسنا بنى الأمة بل بنى الحرة ، وهذه هى الحرية التى حررنا بها المسيح» (غلاطية ٤ / ٢٨ ـ ٣١). فهل يفهم المسلمون الآن لما ذا تضطهدنا أمريكا والدول الغربية والعالم المسيحى واليهود؟ فذلك لأننا أبناء الأمة وهم أبناء الحرة ، ولا نصيب لنا فى الميراث ، أى فى الأرض وفى الحياة ، وفيما يصنع الحياة ويؤدى إلى الحياة : العلم ، والتعلّم ، والثقافة ، والحضارة ، والأمر معنا الطرد! فهل هناك سبيل آخر إزاء مثل هذه الكتابات إلا الجهاد؟ وبدون الجهاد فمصيرنا جميعا الطرد ، وإنى لأعجب من هذه الدعوة لتنظيم النسل ، وهى دعوة لتقليل النسل أو منعه بالنسبة للمسلمين ، لتسهيل عملية طردهم ، مع استمرار الإبادة لهم هنا وهناك! ويقابل ذلك فى مصر مثلا : أن النصارى يدعون فى الكنائس إلى تكثير نسلهم ، ليرجح عددهم ، وتنقلب الموازين ، ويصبح المسلمون أقلية ، والحكومة لا تدرى بذلك ، وتشجّع على ضرب المسلمين ، ومنع أى نشاط لهم ، والكنيسة لها كل الأنشطة ، والتبرعات تنهال عليها من الخارج بدون علم الحكومة ، والكنيسة دولة داخل الدولة ، لدرجة أن النصارى كلما أرادوا شيئا ذهبوا للكنيسة لا للدولة ، والكنيسة هى التى تعقد زواجهم ، وتنظر فى مشاكلهم ، وتطلّقهم ، والدولة مسلوبة الإرادة فى هذا العهد المجيد!
* * *
٧٧٩. قصة أم إسماعيل فى مكة
يورد القرآن قصة أهل إبراهيم فى مكة بشكل عادى تماما ، لا يوحى بوجود نزاع عائلى بسبب الضرائر بين أم إسماعيل وأم إسحاق زوجتى إبراهيم ، ويقال فى المثل : «بينهم داء الضرائر» ، أى الحسد ، وكما تقول قصة التوراة فإن سارة غارت من هاجر فخيّرت إبراهيم بينهما ، ولا شىء من ذلك فى القرآن. وفى قصة التوراة أنها كانت قد ولدت إسحاق وكبر إسحاق وصارت بين الولدين منازعات. وفى البخارى عن ابن عباس قال : أول ما اتخذ النساء المنطق ـ يقصد النطاق الذى تشدّ به المرأة وسطها لترفع به ثوبها فلا تعثر فى ذيله ، كان من قبل أم إسماعيل ، اتخذت منطقا لتعفى ـ أى تزيل ، أثرها على سارة ـ يقول ذلك بحسب رواية التوراة أن هاجر خرجت هاربة من وجه سارة الظالمة لا تريدها أن تعرف