جريمتهم التى دعا نبيّهم عليهم بسببها ، أن نساءهم كن مساحقات ، وذكورهم لواطيين ، فرسّوه فى بئر عقابا له. وقيل : هم «أصحاب الأخدود» الذين ورد عنهم فى سورة البروج. وقيل : هم المقصودون بالآية : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) (الحج ٤٥).
والخلاصة : أن أحدا لا يعرف ما هى حقيقة هؤلاء الناس ، وما قصتهم ، وما ذا فعلوا؟ ويتبقى الدرس المستفاد من ذكرهم وآخرين من الأقوام معهم : أن لكل نبىّ عدوا من المجرمين من قومه سواء كان ذلك فى زمنه ، أو فيما بعده من أزمان إلى قيام الساعة. وأعداء محمد صلىاللهعليهوسلم قديما كانوا قريشا من أهله ، ومن أهل الكتاب من غير أهله ، وما يزال أهل الكتاب حتى اليوم يناصبونه العداء ، ومنهم المستشرقون الغربيون ، ومنهم مثقفون من العرب أنفسهم ينهجون نهج المستشرقين وقد يدرجون ضمن المسلمين ، وهؤلاء يقال عنهم اليوم أنهم المستشرقون العرب أو المستشرقون الإسلاميون ، من تلاميذ المبشرين والمتأوربين والمتأمركين ممن تلقوا على الثقافة الغربية بأصولها المسيحية اليهودية ، فلما كانت المسيحية واليهودية تعاديان الإسلام ، عادى هؤلاء الإسلام كذلك ، ومن هؤلاء دعاة العولمة والعلمانية والليبرالية ، ومثلهم مثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ، كالدواب السارحة التى لا تفقه ما يقال لها من راعيها ، فكذلك هؤلاء صاروا من الغى والضلال والجهل لا يفقهون مرامى معلّميهم ، وأهداف من يملى عليهم ، وهم كأصحاب الرّس ، ينكرون الإسلام ، ويقدحون فى القرآن ، وفى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، يريدون أن يرسّوا كل ذلك ويطفئوا نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون!
* * *
٧٣٥. قصة البئر المعطلة والقصر المشيد
تنبّه إليها الآية : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) (٤٥) (الحج). والبئر المعطّلة : هى المتروكة ، الخالية من أهلها ودلائلها وأرشيتها ؛ والقصر المشيد : هو الحصين ، وفى الكلام مضمر محذوف أن القصر معطل مثل البئر. وقيل :
القصر والبئر بحضرموت معروفان ، فالقصر مشرف على قلّة جبل ، والبئر فى سفحه ، وأصحاب القصر كانوا ملوك الحضر ، وأصحاب الآبار ملوك البوادى ؛ والقصر والبئر من الآثار ويشاهدان بحضر موت.
وقيل : بل المقصود بئر الرّس فى الآية : (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِ) (الفرقان ٣٨) ، والآية : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ) (١٢) (ق) ، وكانت البئر بعدن بحضرموت ، فى بلد يقال له حضور ، نزل بها من آمن بصالح ونجوا معه من