التى نهيتك عنها! وتعلل آدم بأن حواء أغوته ، وتعللت حواء بالحيّة ، فلعن الله الحيّة من كل البهائم ، وعاقبها بأن جعلها تزحف على صدرها ، وبثّ العداوة بينها وبين حواء ، وبين نسلها ونسل حواء ؛ فهم يسحقون رأسها وهى تلدغ أعقابهم ، وعاقب المرأة بأن تحمل فى مشقة ، وتلد فى مشقة ، وأن تتحكم فيها أشواقها الجنسية ، وأن يتسيّد عليها رجلها. ولعن الله الأرض بسبب آدم ، وعاقبه بأن لا يستخرج ما يأكله منها إلا بمشقة ، وأن لا يجنى أحيانا من نبات الأرض الشوك والحسك وعشب الصحراء ، وأن يكد ويكدح ليجد الخبز ، وأن يعمل فى كبد طوال حياته إلى أن يوارى التراب الذى خلق منه وإليه يعود ، وصنع الرب لآدم وحواء أقمصة من جلد كساهما بها ودارى عورتيهما. وأصبح آدم وقد طعم من شجرة «معرفة الخير والشر» كالآلهة ، وخشى الربّ أن يحاول آدم أيضا أن يطعم من «شجرة الحياة» فيعيش للأبد ، فأخرجه من جنة عدن ، فصار عليه أن يحرث الأرض التى خلق منها ليجد ما يطعم ، وفرض الله حراسة حول شجرة الحياة ليمنع آدم عنها. ولم تقل التوراة أن الربّ طرد حواء أو عاقبها ، ولم تقل أنه طرد الحيّة ، وافترضت أنه بطرد آدم طردت حواء والحيّة ، ولما تعرّى آدم وحواء عرفا بعضهما البعض جنسيا فولدت له البنين والبنات ، وأطلق عليها من ذلك الحين اسم حواءEve لأنها قد صارت تلد أحياء. وكانت هذه هى قصة الخروج من جنة عدن كما جاءت فى التوراة ، وجنة عدن فى التوراة أرضية وليست سماوية ، ومفسرو التوراة يقولون أنها كانت فى أرمينيا ، لأن الفرات من أنهارها ، وهو من أرمينيا ، وبعضهم يقول إن عدن كانت بين دجلة والفرات جنوبى العراق ، لأن مواصفات التوراة لها أنها شرقى فلسطين ، وبقربها كوش وكانت تعرف قديما باسم كاشو ، وكان سهل بابل معروف فى القديم باسم عدنو ، والحويلة المذكورة فى التوراة هى الجزء الشمالى من جزيرة العرب المتاخم للعراق. والجنة فى القرآن على العكس سماوية ، وهى مكان أعدّه الله للمؤمنين ، وليست جنة واحدة وإنما جنّات تجرى من تحتها الأنهار ، والناس فى إيمانهم لا يستوون ، وهم أصناف ، ولذلك لا يدخلون جميعا جنة واحدة ، وفى الحديث عن أبى هريرة أن النّبى صلىاللهعليهوسلم قال : «إن فى الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين فى سبيله ، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله ، فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ، ومنه تفجّر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن» أخرجه الشيخان. وفى تفسير الفردوس يقول مجاهد : إنها البستان بالرومية ، وورد عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم برواية سمرة وإخراج ابن جرير قال : «الفردوس ربوة الجنة ، أوسطها وأحسنها». وترد جنة عدن فى القرآن إحدى عشرة مرة ، وفى التوراة لا ترد إلا مرتين ، وكان الاسم ـ كما ذكرنا ـ عند البابليين عدنو.