فصارت «له» ، أى أنه الغائب مالك الملك ، ثم زيدت الألف واللام تعظيما
وتفخيما فصارت «الله».
وقيل بل الله
اسم أصلى ، والألف واللام فيه ليستا زائدتين ، والدليل على أنهما من بنية الكلمة ،
جواز دخول حرف النداء على الله فى قولنا «يا الله» ، وحروف النداء لا تجتمع مع
الألف واللام المعرّفتين ، فلا نقول يا الرحمن ، أو يا الرحيم.
وفى قوله «بسم
الله الرحمن الرحيم» : أن الرحمن والرحيم مشتقان من الرحمة ، فيقال الله رحمن
بعبادة ورحيم بعباده ، ولكن العرب تعجبت من اسم الرحمن فى الآية : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا
لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) (٦٠) (الفرقان) ، وفى الآية : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ
بِالرَّحْمنِ) (٣٠) (الرعد) ، وقد جعل ذلك بعض المفسرين ممن يأخذون بالإسرائيليات ،
يذهبون إلى القول بأن الرحمن اسم عبرانى وهذا سخف وباطل!! وفى التفسير : أن الرحمن
مبالغة للرحيم ، والرحمن خاص بالله تعالى ، فلا يثنّى ولا يجمع كما فى الرحيم ؛ أو
أن الرحمن والرحيم قد جمع بينهما للتوكيد من باب التفضّل بعد التفضّل ، والإنعام
بعد الإنعام ، أو أن الرحمن خاص الاسم ، عام الفعل ، والرحيم عام الاسم ، خاص
الفعل ؛ أو أن الرحمن اسم عام فى جميع أنواع الرحمة ويختص به الله ، والرحيم من
جهة المؤمنين ؛ أو أن الاسمين رفيقان ، أحدهما أرفق من الآخر. والجمهور على أن
الرحمن هو اسم الله الأعظم ، والرحيم صفة مطلقة للمخلوقين.
وفى رواية
موضوعة عن عثمان فى تفسير النبىّ صلىاللهعليهوسلم للآية : (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، ذهب إلى تفسير قلّده عليه الصوفية من بعد ، قال : «أما
الباء بهاء الله وروحه ونضرته ، وأما السين فسناء الله ؛ وأما الميم فملك الله ؛
وأما الله فلا إله غيره ؛ وأما الرحمن فالعاطف على البرّ والفاجر من خلقه ؛ وأما
الرحيم فالرفيق بالمؤمنين خاصة».
وعن كعب
الأحبار ـ وربما هو صاحب الحديث السابق أيضا ـ قال : الباء بهاؤه ، والسين سناؤه ،
فلا شىء أعلى منه ؛ والميم ملكه وهو على كل شىء قدير فلا شىء يعاده.
وقيل : إن كل
حرف هو افتتاح اسم من أسمائه ، فالباء مفتاح اسمه بصير ؛ والسين مفتاح اسمه سميع ؛
والميم مفتاح اسمه مليك ، والألف مفتاح اسمه الله ؛ واللام مفتاح اسمه لطيف ؛
والهاء مفتاح اسمه هادى ؛ والراء مفتاح اسمه رزّاق ؛ والحاء مفتاح اسمه حليم ؛
والنون مفتاح اسمه نور ؛ ومعنى هذا كله دعاء الله تعالى عند افتتاح كل شىء.
فكما ترى أن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : اصطلاح قرآنى أصيل ، له فلسفته وأصوله ، ومقاصده
وغاياته ، ولم ينقل اعتباطا عن ديانة أخرى ، ولكنه الحسد ، وكما يقول النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «إن اليهود والنصارى يحسدوننا على «بسم الله الرحمن
الرحيم».
* * *