عدم ، ويأكل الحلوى إذا قدر عليها ، ويشرب العسل إذا اتفق له ، ويأكل اللحم إذا تيسر ، ولا يعتمد أصلا ، ولا يجعله ديدنا. والحمد لله ربّ العالمين ، أن جعلنا على الإسلام ، وجعل لنا القرآن كتابا.
* * *
٦٢٨. سورة محمد
السورة مدنية ، إلّا الآية الثالثة عشرة التى تقول : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ) (١٣) ، نزلت فى الطريق أثناء الهجرة ، فقد جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينظر إلى البيت الحرام وهو يبكى ، فنزلت عليه الآية. وكان نزول سورة محمد عموما بعد «سورة الحديد» ، وآياتها ثمان وثلاثون آية ، وترتيبها فى المصحف السابعة والأربعون ، وفى التنزيل المدنى التاسعة ، وفى التنزيل عامة الخامسة والتسعون ، وسمّيت «سورة محمد» لأنها تتناول ما نزّل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم مما كان ينكره عليه المنكرون ، والسورة بمثابة «إعلان حرب» : على الكافرين ، والمنافقين ، والناكصين عن القتال ، ودعاة المسالمة ، والمهرولين إلى الصلح ، والبخلاء بالمال فى سبيل الله. وتبدأ السورة بداية غير معهودة ، فتذكر أول ما تذكر : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) (١) ، تندّد بأهل مكة لكفرهم وصدّهم عن دين الله ، فلمّا ذكرتهم ذكرت بالمقارنة إليهم الذين آمنوا بالله وبما أنزّل على محمد ، والناس إزاء الدين فريقان : فريق المؤمنين : وهم أهل الحق ، كفّر الله عنهم سيئاتهم ، وأصلح لهم دنياهم وآخرتهم ؛ وفريق الكافرين : وهم أهل الباطل ، والله يضرب الأمثال للناس بهؤلاء وهؤلاء. ومنهج الإسلام مع أهل الكفر إذا وقعت الحرب بين المسلمين والكفّار ـ وهى واقعة إلى يوم الدين ، لأنهم الذين يوقدونها دائما ، ويزيدون أوراها ، يريدون أن يطفئوا نور الله ـ أن يقاتل المسلمون بشراسة ويثخنوا القتل فى الكافرين كلما استطاعوا ، ومن يستسلم من الكافرين أسرا فليشدّ وثاقه حتى لا يفلت ، فإذا وضعت الحرب أوزارها ، فإما يطلق سراح الجرحى والمدنيين ومن لا يحسنون القتال ، وإما يفدون ، والأمر فى ذلك موكول بأصحاب القرار السياسى ، وليعلم المسلمون أن الحرب ابتلاء ، وأن الله يعدهم أن لا يضل أعمال من يقتل فى سبيله ، وسيجزيهم أحسن الجزاء ، ويصلح آخرتهم ، ويدخلهم الجنة ، عرّفها لهم ؛ ثم تخاطب السورة المؤمنين بقصد إثارة حميتهم ورفع معنوياتهم : أنّ شرطه تعالى معهم : أن ينصروه فينصرهم ويثبّت أقدامهم ؛ وأما الذين كفروا فالويل لهم ، ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم. وتنبّه السورة إلى غرابة كفرهم ، بعد ما يشاهدونه من آثار فى الأرض تعلمهم بما كان من أمر من