جئت به ؛ ٩ ـ (يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) (النساء ٤٩) بأن قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ؛ ١٠ ـ (يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) (النساء ٥٠) ، بما حرّفوا من التوراة ، وبما رووا من روايات لم تكن ضمن كتابهم ونسبوها إلى الله ؛ ١١ ـ (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) (النساء ٥١) ، والجبت : الشيطان أو إبليس ، والطاغوت أولياؤه ، وقيل الجبت كل ما حرّم الله ، ولذا الحديث «الطرق والطّيرة والعيافة من الجبت». والطّرق : ضرب الحصى أو الرمل على سبيل التكهن ، والعيافة : زجر الطير المسمى التطيّر ؛ والطاغوت : كل ما يطغى الإنسان ؛ ١٢ ـ (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) (النساء ٥١) ، يعنى يقولون لكفار قريش أنتم أهدى من المسلمين الذين آمنوا بمحمد ، والذى قال ذلك كعب بن الأشرف ، قاله لأبى سفيان ليحقّ الكفّار ، ويثبّتهم على كفرهم ، ويوغر صدورهم ضد المسلمين ، ويؤلّبهم عليهم قصدا إلى المزيد من الفتنة ، وإشعالا للحرب. فهذه اثنتا عشرة صفة منكرة فى اليهود كانت فيهم فى الماضى وما تزال ـ لعنهم الله.
* * *
٥٦٠. اليهود حمّلوا التوراة ولم يحملوها
فى الآية : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الجمعة ٥) ، وصف من أوصاف اليهود ، كان وما يزال فيهم. وحمّلوا التوراة ، من الحمالة بمعنى الكفالة ، أى ضمنوا أحكام التوراة ، وأعطوها ليعملوا بها ثم لم يعملوا بها ، مثلهم كمثل الحمار يحمل كتبا لا يدرى ما فيها ، فهو يحملها حملا حسيا ولا يدرى من معانى ما عليه شيئا ، فكذلك حال اليهود مع التوراة ، حفظوها لفظا ولم يتفهّموها ولا عملوا بمقتضاها ، ولذا حرّفوها ، فهم أسوأ حالا من الحمار ، لأن الحمار لا فهم له ، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها ، كقوله تعالى : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (الأعراف ١٧٩).
* * *
٥٦١. جرائم اليهود ومخالفاتهم
أثبت القرآن ما ارتكبه اليهود وما يزالون ، فى مثل قوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً (١٥٥) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) (١٥٧) (النساء) ، وقوله : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا