تضطجع عليه فى طمثها يكون نجسا ، وجميع ما تجلس عليه يكون نجسا ، وكل من لمس مضجعها يغسل ثيابه ويرتحض بالماء ويكون نجسا إلى المغيب ، ومن لمس شيئا مما تجلس عليه يغسل ثيابه ويرتحض بالماء ويكون نجسا إلى المغيب ، وإن كان على مضجعها أو على ما هى حالة عليه شىء ، فإن لمسه يكون نجسا إلى المغيب ، وإن ضاجعها رجل بحيث يصير طمثها عليه يكون نجسا سبعة أيام ، وكل مضجع يضجع عليه يكون نجسا ، وكذلك المستحاضة ، فإذا طهرت من طمثها أو استحاضتها فلتحسب لها سبعة أيام ، وبعد ذلك تطهر ، وتذبح ذبيحة خطاء وذبيحة أخرى محرقة تكفيرا عن طمثها أو استحاضتها (الأحبار ١٥ / ١٩ ـ ٢٢).
وكان العرب قبل الإسلام ، فى المدينة وما والاها ، يستنون بسنّة اليهود ، فى تجنب مؤاكلة الحائض ومساكنتها ، فنزلت الآية : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة ٢٢٢). وقيل الذى سأل هو أسيد بن حضير وعبّاد بن بشر ، وقيل هو ثابت بن الدحداح. وعن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن فى البيوت ، فسأل أصحاب النبىّ صلىاللهعليهوسلم فأنزلت الآية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اصنعوا كل شىء إلا النكاح» يعنى خالفوا اليهود ، فبلغ ذلك اليهود ، فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه!
والخلاصة : أن الإسلام يخالف اليهودية. وقيل فى الآية السابقة : إن سبب نزولها أن اليهود والمجوس كانوا يجتنبون الحائض ، وكان النصارى يجامعون الحيّض ، فأمر الله بالقصد بينهما. وفى الإسلام لا تجتنب الحائض ، ولا تؤتى فى الجماع.
* * *
٥٥٧. كيف يجوز الإيمان بالتوراة والإنجيل مع تنافى أحكامهما مع القرآن
فى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) (البقرة) ، وقوله (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة ١٣٦) ـ كيف يمكن الإيمان بهؤلاء الأنبياء جميعهم والكتب كلها ، مع تنافى أحكام التوراة وأسفارها والأناجيل والقرآن؟ وكيف يستقيم قوله تعالى فى القرآن عن التوراة والإنجيل : (وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) (المائدة ٤٣) ، وقوله : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) (المائدة ٤٤) ، وقوله : (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ) (آل عمران) ،