الأردن ، أى أن التوراة حرّف فيها بالتدليس ؛ وكذلك لم يكن مجموع حوائط المعبد يتجاوز اثنى عشر حجرا فكيف تكتب عليها التوراة بحجمها الحالى البالغ ٣٩٥ صفحة؟ فلا بد أن هذه التوراة فى وقت كتابتها على المعبد كانت أصغر من ذلك بكثير ، أى أنها من وقتها حتى الآن حرّفت بالزيادة. وفى سفر التثنية يأتى أن موسى كتب التوراة ، فكيف يقول موسى ذلك عن نفسه؟ ويأتى فى سفر التكوين «وكان الكنعانيون فى هذه الأرض» ، بمعنى أن الوضع قد تغيّر من وقت كتابة هذا الكلام ، ولا يمكن أن يقول موسى ذلك فى وقته ، ولا بد أن هذا الكلام كتب بعد موسى وطرد الكنعانيين ، أى أن موسى ليس هو الكاتب. ويأتى فى سفر التكوين أن جبل موريا هو جبل الله ، وهذا الاسم الجديد لم يطلق عليه إلا بعد بناء المعبد ، أى بعد موت موسى! وفى قصة عوج تروى حكايات عن وقائع انتهى أمرها من زمن بعيد ، ونسبتها إلى الإسرائيليين انتحال. ثم إن ما يقال : أنها التوراة ، كتبت جميعها بضمير الغائب ، وكان المفروض ـ وموسى هو الراوى ـ أن ينسبها إلى نفسه ويكتبها بضمير المتكلم. وليس من المعقول أن يكتب موسى عن نفسه ، فى الفصل الرابع والثلاثين من سفر التثنية ، فى العبارات من ٥ حتى ١٢ أنه مات فى أرض كذا ، ودفن فى الوادى فى المكان العلانى! ومع تحديد مكان دفنه إلا أنه فيما يبدو كذب وافتراء ، لأنه لم يعرف أحد قبره إلى يومنا هذا! وكان عمره وقت أن مات ١٢٠ سنة ، ومع ذلك لم يكل بصره ، ولم تذهب نضرته! وظل يكتب كما يدّعى عزرا. ورغم تقدمه فى السن فإن بنى إسرائيل ظلوا يبكون عليه ثلاثين يوما ، وأعجب العجب أن يؤبّن موسى نفسه فيقول عن نفسه : «ولم يقم من بعد نبىّ فى إسرائيل كموسى الذى عرفه الربّ وجها إلى وجه ، فى جميع الآيات والمعجزات التى بعثه الربّ ليصنعها فى أرض مصر بفرعون وجميع عبيده وجميع أرضه ، وفى كل يد قديرة وكل مخافة عظيمة صنعها موسى على عيون جميع بنى إسرائيل»!!! فهل قرأنا يوما عن ميت يقارن موته بموت آخرين جاءوا بعده وفى عصور تاليه عليه؟ وإذا كان موسى قد توفى فكيف استمرت الرواية بعده فى سفر يشوع؟ ومن الغريب أن يطلق موسى على الأماكن أسماء لم تعرف بها هذه الأماكن إلا من بعد ، وأن يقال إن الله كلم يشوع بعد وفاة موسى ، وأنه ظل يلازمه ويرشده ليغزو البلاد ، ويطرد الناس ، ويقتلهم من أمامه ـ شعوبا كاملة ، وأمما ، وملوكا ، ويعطيه أرضهم يقسّمها بين الإسرائيليين. ويتساءل سبينوزا : ترى ، من كتب هذا السفر؟ وهل أملاه يشوع على آخرين؟ وهل أملى هذا الكلام عن نفسه يمتدح نفسه ، ويعدّد أفضاله؟ ويتساءل سبينوزا : أليست هذه التوراة كتابا تاريخيا وطنيا لبنى إسرائيل؟ أليست سجلا قوميا لأمجاد انتحلوها ليقنعوا بها الناس فصدّقوها هم أنفسهم؟ ولا يمكن أن