تقبل توبتهم إذا جاءهم الموت ، كقوله تعالى : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) (١٨) (النساء) فلا إشكال هناك ، والإشكال عموما ينتفى إذا عرفنا سبب نزول الآية ، وكان نزولها فى قوم من أهل مكة قالوا : نتربص بمحمد ريب المنون ، فإن بدا لنا الرجعة ، رجعنا إلى قومنا ، فأنزل الله الآية : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) (آل عمران ٩٠) ، أى لن تقبل توبتهم وهم مقيمون على الكفر ، فسمّاها توبة غير مقبولة ، لأنهم لم يصحّ منهم عزم ، والله لا يقبل التوبة إلا إذا صحّ العزم.
* * *
٤٩٧. إشكال الآية : (إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئون والنّصارى
من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (٦٩)) (المائدة ٦٩)
قيل : «الصابئون» فى الآية كان ينبغى أن تكون منصوبة باعتبارها اسم إنّ ، فيكون الصواب : «إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى» بدلا من «الصابئون» ، غير أن المعنى فى هذه الحالة يختلف عن المعنى والآية كما هى ، والمعنى الجديد هو أن هؤلاء المذكورين : الذين آمنوا ، والذين هادوا ، والصابئين ، والنصارى ، لا خوف عليهم ؛ وأما فى المعنى الحالى للآية كما هى ، فإنه كالآتى : «إن الّذين آمنوا والّذين هادوا» ، وهؤلاء هم الأصل ، حيث المؤمنون هم المسلمون ويقابلهم اليهود ، فأما النصارى والصابئون فهؤلاء ليسوا من الفرق الأصلية ، فالنصارى يقولون إنهم فرقة يهودية ، وكتابهم هو العهد القديم والعهد الجديد ، والصابئة فرقة ثانوية ، وديانتهم ديانة ثانوية ، فيكون معنى الآية كما هى :
إن الذين آمنوا والذين هادوا ـ وكذلك الصابئون والنصارى ... ، فذكر الصابئون والنصارى كتكملة ، ومن ثم كانت الآية صحيحة عربيا ولا إشكال هناك كما يدّعى المستشرقون.
* * *
٤٩٨. إشكال الألف فى بعض آيات القرآن
فى الآيات مثل قوله : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١٠) (الأحزاب) ، وقوله : (وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) (٦٦) (الأحزاب) ، وقوله : (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (٦٧) (الأحزاب) ، ثبتت ألفاتها فى الوقف ، والعرب تفعل ذلك ، مثل :
نحن جلبنا القرح القوافلا |
|
تستنفر الأواخر الأوائلا |
فالألف أنزلت منزلة الفتحة ووجب الوقف بعدها ، لأنها تقع فى الفواصل.