القرآن بالتوراة ولكنه كان يفسّره بالإسرائيليات ، ولذا قال الثقاة فيه : إن عبد الله بن عمرو كان قد أصاب زاملتين من كتب أهل الكتاب ، وكان يرويها للناس ، فتجنّب الأخذ عنه كثير من أئمة التابعين ، وكان يقال له : لا تحدّثنا عن الزاملتين.
فيا أخى ، إن رأيت حديثا به ما يخالف القرآن فلا تصدّقه مهما كانت مكانة صاحبه. وابن عمرو هو صاحب الحديث : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يترك عالما ، اتخذ الناس رؤساء جهالا ، فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلّوا وأضلّوا» ، وكما ترى الحديث به الكثير من العور ، لأن الله تعالى لا يقبض العلم ، ومع كرّ السنين يزداد وعى الناس ، وتطوّر الروح الذى قال به الفلاسفة هو تطور فى الوعى الإنسانى ، وما وجد بلد قطّ إلا والله تعالى يقيّض له علماء ، والثقافات تتلاقح ، والعلم ينتقل من البلد الأكثر علما إلى البلد الأقل علما. ويكفى فى هذا الحديث أن عائشة استنكرته أشد الاستنكار!!
ومثل ذلك الحديث عن ابن عمرو : «من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وقى فتنة القبر» ، فلا سبب يدعو لأن يوقى هذه الفتنة ، ثم إن فتنة القبر هذه لم يرد عنها شىء فى القرآن. وأيضا حديث : «لا يقتل مؤمن بكافر» ، فلما ذا؟ والقرآن عكس ذلك تماما ، يقول : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (٣٢) (المائدة) ، فساوى الله تعالى بين نفس المؤمن ونفس الكافر ، ونهى عن القتل كلية ، ولم يفرّق القرآن بين الكافر والمؤمن ، طالما أن الكافر لم يقاتل المؤمنين ، ولم يخرجهم من ديارهم ، فقال : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ) (٤٥) (المائدة) فلم يمايز بين المؤمن والكافر فى العقاب على الجرم. ومن أحاديث ابن عمرو المعتبرة من الإسرائيليات ادعاؤه بأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : يخرج الدجّال فى أمتى فيلبث فيها أربعين ، لا أدرى أربعين يوما أو شهرا أو سنة ، فيبعث الله عيسى ابن مريم فيظهر فيهلكه ، ثم لا يلبث الناس بعده سنين سبعا ، ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام ، فلا يبقى أحد فى قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضه ، حتى لو أن أحدهم كان فى كبد جبل. ويبقى شرار الناس ، فى خفة الطير وأحلام السباع ، لا يعرفون معروفا ، ولا ينكرون منكرا ، فيتمثّل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون؟ فيأمرهم بالأوثان فيعبدونها ، وهم فى ذلك دارّة أرزاقهم ، حسن عيشهم. ثم ينفخ فى الصور ، فلا يسمعه أحد إلا أصغى له ، وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه ، فيصعق ، ثم لا يبقى أحد إلا صعق ، ثم يرسل الله قطرا كأنه الطّل أو الظّل ، نعمان الشاكّ ، فتنبت منه أجساد الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ، ثم يقال : يا أيها الناس ، هلموا إلى ربّكم ، وقفوهم إنهم مسئولون. ثم يقال : أخرجوا