لهم الوضّاعون. والتفسير المعقول للآية والمتوافق مع الدين أنه : لو لا أن يوسف رأى برهان ربّه لكان همّ بها. ويؤوّل جعفر الصادق البرهان بأنه النبوّة التى اختصه بها الله ، فهى التى حالت بينه وأن يخطئ. غير أن البغوى لم يدرك ذلك ، فما ذا يمكن أن نفعل والكثير من الشطح يرتكبه أمثاله ويشيع عنه بين العامة فتكون جهالة بالإسلام تستوى والجهل؟ والبغوى هو المسئول عن شيوع هذا التفسير للآية : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٥٥) (المائدة) ، قال : نزلت الآية فى علىّ حين مرّ به سائل وهو فى الصلاة فطرح له الحين عن نظره ، وحينئذ أمر بردّها ، وهذا هو قوله تعالى (رُدُّوها عَلَيَ) ، فلما عادت طفق يمسح سوقها وأعناقها. ولم يرجّح الخازن أيا من الروايات السابقة الصحيحة والباطلة.
وكذلك فعل فى تفسير : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) (٣٤) وهذه الخرافات يسميها البغوى تفسيرا ويسوّد بها الصفحات ليقرأها الناس ويتثقّفوا بها ، ولا شىء مما قاله فى كتابنا «القرآن» ، فعلى أى شىء اعتمد فى روايته؟ ولما ذا لم يناقشها وهو المحدّث المعتاد على منهج البحث فى الأحاديث وإسنادها؟ ومن غرائب ما قال فى الآية : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (٢٢) (البروج) ، نقلا عن ابن عباس كما يدّعى : أن اللّوح من درّة بيضاء ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق إلى المغرب ، وحافتاه الدّر والياقوت ، ودفتاه ياقوتة حمراء ، وقلمه نور ، وكلامه قديم ، وكل شىء به مستور ، وأعلاه معقود بالعرش ، وأصله فى حجر ملك!!! ـ فهل من ذلك شىء فى القرآن؟!!! والبغوى لم يبحث ولا محّص ، ولا ناقش ، ولا فنّد ، وإنما سرد علينا هذا الغثاء سردا! قوة؟! ثم عمد إلى حجر عظيم من حجارة الطاحونة فركله برجله ، ثم أمسك يهوذا بإحدى يديه فصرعه ، وقال بعض خدمه : هات الحدّادين حتى أقطع أيديهم وأرجلهم وأضرب أعناقهم. ثم صعد على سريره ـ سرير الملك ـ وجلس على فراشه ، وأمر بصواعه ، فوضع بين يديه ، فنقره نقرة فخرج طنينه ، فالتفت إليهم وقال : أتدرون ما يقول؟ قالوا : لا. قال : فإنه يقول : إنه ليس على قلب أبيهم همّ ولا غمّ ولا كرب إلا بسببهم ... إلخ. ـ ومثل هذا الكلام يعدّ من المصادر الكبرى للإسرائيليات فى التفاسير القرآنية. والثعلبى ينقل عن وهب بن منبه اليهودى الذى قيل إنه أسلم ، ووهب ـ كما رأينا ـ شطح بعيدا فى تفسير الآية ، وذهب مذاهب عجيبة ، ومن الواضح أنه يقصد إلى أن يبثّ الرعب من اليهود فى نفوس المسلمين ، ويجعل من الإسرائيلى شخصية بطولية خرافية ينسب إليها الخوارق كأبطال السينما الأمريكية. وقد يكون لوهب عذره بالنظر إلى أنه يهودى ، ولكن ما عذر الثعلبى فى أن يروى عن وهب بلا تمحيص ولا مناقشة ولا تكذيب ، وكأنه عميل إسرائيلى قد أجرى له غسيل مخ ، فراح يردد كالإنسان الآلى ما يملى عليه؟! ولنحذر إذن أمثال هذه التفاسير ، وفى علم النفس يقال فى تشخيص ذلك أنه «التعيّن بالعدو» ، بمعنى أن الثعلبى قد تعيّن باليهود حتى لكأنه قد صار منهم. وكثير منا حاليا يفعل نفس الشيء فيما يسمى «عقدة الخواجة» ، فيقلّد
الأجانب والمستشرقين فيما يفعلون ، ويردّد أفكارهم حتى لو كانت تزرى بنا وبلغتنا وديننا وهويتنا! قوة؟! ثم عمد إلى حجر عظيم من حجارة الطاحونة فركله برجله ، ثم أمسك يهوذا بإحدى يديه فصرعه ، وقال بعض خدمه : هات الحدّادين حتى أقطع أيديهم وأرجلهم وأضرب أعناقهم. ثم صعد على سريره ـ سرير الملك ـ وجلس على فراشه ، وأمر بصواعه ، فوضع بين يديه ، فنقره نقرة فخرج طنينه ، فالتفت إليهم وقال : أتدرون ما يقول؟ قالوا : لا. قال : فإنه يقول : إنه ليس على قلب أبيهم همّ ولا غمّ ولا كرب إلا بسببهم ... إلخ. ـ ومثل هذا الكلام يعدّ من المصادر الكبرى للإسرائيليات فى التفاسير القرآنية. والثعلبى ينقل عن وهب بن منبه اليهودى الذى قيل إنه أسلم ، ووهب ـ كما رأينا ـ شطح بعيدا فى تفسير الآية ، وذهب مذاهب عجيبة ، ومن الواضح أنه يقصد إلى أن يبثّ الرعب من اليهود فى نفوس المسلمين ، ويجعل من الإسرائيلى شخصية بطولية خرافية ينسب إليها الخوارق كأبطال السينما الأمريكية. وقد يكون لوهب عذره بالنظر إلى أنه يهودى ، ولكن ما عذر الثعلبى فى أن يروى عن وهب بلا تمحيص ولا مناقشة ولا تكذيب ، وكأنه عميل إسرائيلى قد أجرى له غسيل مخ ، فراح يردد كالإنسان الآلى ما يملى عليه؟!