والشاعر يقول :
أسلمت وجهى لمن أسلمت |
|
له المزن تحمل عذبا زلالا |
وكذلك إسلام الصدر ، كقوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام ١٢٥) فدليل إسلام المسلم هو تلك الهداية تظهر على الوجه ، وذلك الانشراح يملأ الصدر. ولمّا سئل النبىّ صلىاللهعليهوسلم : وهل ينشرح الصدر؟ قال : «نعم ، يدخل القلب نور» وهو معنى الآية : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (الزمر ٢٢) ، ونقيض ذلك القاسية قلوبهم ، كقوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) (الزمر ٢٢) ، وسأل ابن مسعود الرسول صلىاللهعليهوسلم : كيف ينشرح الصدر؟ قال : «إذا دخل النور القلب انشرح وانفتح». فقال ابن مسعود : وما علامة ذلك؟ قال : «الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافى عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله» ، فهذه خصال ثلاث فى المسلم ، من كانت فيه فهو الكامل الإسلام. ومن لم ينشرح قلبه للإسلام فهو قاسى القلب من نوع أبى لهب ، وليس أعظم عقوبة للإنسان من أن يكون قاسى القلب! وما غضب الله على قوم كغضبه على اليهود إلا لأنهم نزعوا الرحمة من قلوبهم فراحوا يظلمون ويكذبون ، كقوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (الصف).
* * *
٤٢٣. حسن الإسلام
فى الحديث : «إذا أسلم العبد فحسن إسلامه ...» ، وحسن الإسلام يعنى حسن الاعتقاد وإخلاصه ، ودخول المسلم فيه بالباطن والظاهر ، وأن يستحضر عند عمله قرب ربّه منه واطّلاعه عليه ، لقوله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) (الإسراء ٧) أى نفع إسلامهم وحسنه يعود عليهم ، كقوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) (آل عمران ١٧٢) ، وقوله : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة ٩٣) ، والإسلام مراتب ، ومرتبة المحسن هى الأفضل ، لأن المحسن يتميز بعمل الصالحات وتقوى الله ولذلك يفضّله الله بأجر الإحسان ، وفى الحديث «الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف».
* * *
٤٢٤. هل كلمة «مسلم» من «مسيلمة»؟
الغيرة من الإسلام ، والحقد على المسلمين ، هما أكثر ما يظهر من المستشرقين من الصفات