فى المواضع ، لأن الحلول عرض حادث ، والحادث لا يليق بالله. و «العند» يستعمل فى الاعتقاد ، تقول : عندى كذا ، أى فى رأيى ، أو ما اعتقده ؛ ويستعمل فى المرتبة ، ومنه : (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (آل عمران ١٦٩) ، ومنه : (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) (الأنفال ٣٢) فمعناه من حكمك. وإذن فالعندية كما نعرفها مستحيلة فى حق الله ، ولا بد لها معان أخرى. وكذلك المعية كما فى قوله : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) (١٠٨) (النساء) ، وقوله : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) (٤٦) (طه ٤٦) ، وهذه المعية أخصّ من المعية فى قوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) (المجادلة ٧) ـ إلى قوله : (إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) (المجادلة ٧) أى فى ذكرهم طالما ذكروه. ومثل ذلك الآية : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، (القصص ٨٨) ، والله تعالى ليس له وجه كالوجه المعروف ، فتعين التأويل أو التفويض. والآية : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) (٣٩) (طه) ، والآية : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) (القمر ١٤) ، ليس المقصود عضو العين ، وإنما المعنى تجرى بحفظى ، والمراد نفى النقص عنه تعالى ، وجميع ذلك صفات من صفات ذاته تعالى.
* * *
٣٥٩. هل لله تعالى يدان؟
يقول تعالى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٧٥) (ص) ، ويقول : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (الزمر ٦٧) ، وفى الحديث : «وبيده الأخرى الميزان» ، وفى ذلك إثبات «يدين» لله ، وهما صفتان من صفات ذاته وليستا بجارحتين.
* * *
٣٦٠. أسماء الله الحسنى
يأتى عن الله تعالى فى القرآن قوله : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٨) (طه) ، وقوله : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (الحشر) ، وقوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (١٨٠) (الأعراف) ، وقوله : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (١١٠) (الإسراء). وحسن الأسماء يقتضى لها أفضل الأوصاف وأشرف المعانى ، ولكل اسم مسمى وتسمية يصدقان عليه. والأسماء جمع اسم ، وكان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يقول : «لى خمسة أسماء ...» الحديث. والاسم من أسمائه تعالى هو المسمى ، ولو كان غيره لكانت أسماؤه تعالى لغيره كذلك. ويقال المراد بالاسم التسميات ، لأنه سبحانه واحد والأسماء جميع. والإجماع على أن الأسماء بمعنى التسميات ، وقوله : «له الأسماء الحسنى» يعنى التسميات الحسنى ، وهى «حسنى» لأنها حسنة فى الأسماع والقلوب ، ودالة على توحيده ،