كقوله : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٦٠) (غافر) ، بينما جعل دعاء بنى إسرائيل ، أنهم طلبوا من موسى أن يتوسط لهم عند ربّه ، فقالوا : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ) (٦٠) (البقرة) ، وفارق بين أمة لها التقريب وتدعو الله مباشرة ، وأمة بوعد بينها وبين ربّها فليس لها إلا الرجاء بالوساطة.
* * *
٣٤٤. الإله الحقّ لا يتعدّد
لا يتعدّد الإله الحق وكل إله يزعم أنه يتعدد فليس بإله ، وفى الآية : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) (٥١) (النحل) يقتصر النفى على وجود إلهين اثنين ، والمقصود نفى التعدد إطلاقا ، فإنما هو إله واحد ، والواحدية وصف لذاته المقدّسة. والدليل العقلى والشرعى على وحدانيته : هو عجائب صنعه ، فلا بد لها من فاعل أو صانع أو محدث أو خالق لا يشبهه شىء ، وفى قوله «هو إله واحد» إثبات للوحدانية ، على عكس «لا إله إلا الله» ففيها النفى والإثبات معا ، وأولها كفر ، بقوله : «لا إله» ؛ وآخرها إيمان ، بقوله : «إلا الله» ، بينما : «هو إله واحد» كلها إيمان.
* * *
٣٤٥. التوحيد
التوحيد مصدر وحّد يوحّد ، ومعنى «وحّدت الله» اعتقدته متفرّدا بذاته وصفاته ، لا نظير له ولا شبيه ، كقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (١٩) (الأنعام) ، وقيل : معنى وحّدته : علمته واحدا ، كقوله : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (١٦٣) (البقرة) ، وقيل : الواحدية تعنى أنه قد سلبت عنه الكيفية والكمية فهو واحد فى ذاته لا انقسام له ، وفى صفاته لا شبيه لا فى إلهيته ولا شريك له فى ملكه وتدبيره ، ولا شريك له ، ولا ربّ سواه ، ولا خالق غيره ، كقوله : (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) (٥٢) (إبراهيم).
* * *
٣٤٦. لا إله إلا الله
فى «لا إله إلا الله» : نفى قاطع بالألوهية لغير الله ، قيل فى الآية : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (٨٩) : (النمل) أن الحسنة هى قول «لا إله إلا الله» يوم الفزع ، فمن قالها فقد أحسن. وسأل أبو ذر الرّسول صلىاللهعليهوسلم ، قال : يا رسول الله : أمن الحسنات : «لا إله إلا الله»؟ قال : «من أفضل الحسنات» ، وفى رواية قال : «نعم ، هى أحسن الحسنات». وقيل الحسنة فى قوله تعالى «من جاء بالحسنة» وذلك يوم القيامة ـ هى الإخلاص والتوحيد. ولمّا اجتمع النبىّ صلىاللهعليهوسلم بأكابر قريش عند أبى طالب قرب موت أبى طالب ، قال