النصارى ، ذهب أبعد من المشابهة ودعا إلى المباهلة ، فأبوا منها ، ورفضوا المباهلة ، وهى الابتهال إلى الله والتضرع فى الدعاء له ، والرضا باللعن للمبتهل إن كان كاذبا.
* * *
٢٨٢. أشد وأشق آية على الرسول صلىاللهعليهوسلم
هى الآية (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) (١١٢) (هود) والخطاب فيها للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ، ومعنى «استقم» يعنى اطلب الإقامة على الدين ، وامتثل لله. ولمّا سئل عن قول فى الإسلام لا يسأل عنه أحد بعده ، قال : «قل آمنت بالله ثم استقم» أخرجه مسلم ، ولذلك قال ابن عباس : ما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم آية هى أشدّ ولا أشقّ من هذه الآية عليه». ولذلك قال لأصحابه ـ أى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ـ حين قالوا له : لقد أسرع إليك الشيب! ـ قال : «شيّبتنى هود وأخواتها» ، وهذه الآية من سورة هود التى وصفها هذا الوصف.
* * *
٢٨٣. الكوثر : هل هو نهر وعد به النبىّ صلىاللهعليهوسلم
سورة الكوثر مكية ، وبعض القراء قالوا إنها مدنية كما سيأتى عن ذلك فى «باب سور القرآن». وقوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) (١) روى أنس وعائشة أن الكوثر نهر فى بطنان الجنة ، اختص الله به نبيّه صلىاللهعليهوسلم ، وبطنان الجنة هو وسطها ، وحافتا النهر قصور اللؤلؤ والياقوت ، وترابه مسك ، وماؤه أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، إلى غير ذلك من الأوصاف. وإنّا لنتساءل : وما ذا يفعل النبىّ صلىاللهعليهوسلم بالنهر؟ وهل هو يحتاج إلى نهر بكامله ليشرب منه ويرتوى؟ ثم إن القول بذلك مادى بحت ، وحسّى للغاية ، وقد آن الأوان للمسلمين أن يفيقوا من أمثال هذه التفسيرات والأحاديث المتعلقة بها ، والحق أن الكوثر كما قال البخارى عن ابن عباس : هو الخير الذى أعطاه الله للنبىّ صلىاللهعليهوسلم. ولما قيل لسعيد بن جبير : فإن ناسا يزعمون أنه نهر فى الجنة؟ فقال سعيد : النهر الذى فى الجنة من الخير الذى أعطاه الله إياه. وروى سعيد عن ابن عباس قال : الكوثر الخير الكثير. وهذا التفسير لأن الكوثر من الكثرة وهى الخير الكثير. وقال مجاهد : الكوثر هو الخير الكثير فى الدنيا والآخرة. وقال عكرمة : الكوثر منه الكثرة ، وهى النبوة والقرآن وثواب الآخرة. وقال عطاء : الكوثر حوض فى الجنة ـ يقصد حوضا يرد عليه المسلمون يوم القيامة. والحق أن السورة كلها كما يرد فى سياقها نزلت فى العاص بن وائل ، وقيل فى عقبة بن معيط ، وقيل فى أبى لهب أو أبى جهل ، وذلك أنه لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مارية ، ذهب أبو لهب إلى المشركين فقال : بتر محمد الليلة! فأنزل الله فى ذلك : (إِنَ