الإيمان ويتبرأ من كل دين سوى الإسلام لا يعتبر منافقا ، وهذا هو ما منعه من إيذائهم : أنهم كانوا يظهرون الإسلام ، والأحكام بين الناس على الظاهر ، وليس لأحد أن يحكم بخلاف ما ظهر ، لأنه يكون حكما بالظنون.
* * *
٢٧٦. محمد حجة وبرهان من الله
فى الآية : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (١٧٤) (النساء) أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم هو حجة الله على الناس كافة ، وهو معجزته تعالى ، سمّاه برهانا ، وأنزل عليه القرآن وسمّاه نورا ، لأنه به تتبين الأحكام ، ويهتدى من الضلالة ، فالقرآن نور مبين ، وأما محمد فهو برهان مبين.
* * *
٢٧٧. لا تقولوا «راعنا» للنبىّ صلىاللهعليهوسلم
كان من جهالات اليهود أن يقولوا للنبىّ صلىاللهعليهوسلم «راعنا» كما فى قوله فى سورة النساء الآية ٤٦ : (وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ) ، فنزلت الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٠٤) (البقرة) ، تنهى المسلمين عن تقليد اليهود ومخاطبة النبىّ صلىاللهعليهوسلم بهذا الخطاب الدال على جفاء الطبع. وحقيقة «راعنا» فى اللغة : أرعنا سمعك ، والأمر فى الآية يتضمن أن يتخيّر المسلم من الألفاظ أحسنها ، ومن المعانى أرقّها إذا تناول اسم الرسول صلىاللهعليهوسلم فى شىء. وكان اليهود يعتبرون «راعنا» سبّا للرسول صلىاللهعليهوسلم ، ويسبونه جهرا ، وكان سعد بن معاذ يعرف لغتهم ، فنهاهم عنها ، ونهى المسلمين ، ونزلت الآية فى سورة البقرة فى ذلك.
* * *
٢٧٨. أهل الكتاب يؤمنون بعيسى رسولا قبل موتهم
فى الآخرة تتوقف الظنون ويكون اليقين ، وفى الآخرة يدرك اليهود أن عيسى كان رسولا من عند الله ولكنهم أنكروه وجحدوه ، ويدرك النصارى أنه رسول بشر ولكنهم ألّهوه ، وفى الآية : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (١٥٩) (النساء) أن ليس أحد من أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، إذا حان الأجل ، إلا ليؤمن قبل أن يموت ، بعيسى بشرا رسولا ، وليس إلها كما قالت النصارى ، يعنى أن النصرانى يظل يكابر طالما هو حىّ ، فإذا جاء الموت ذهبت عنه المكابرة ، وينقشع الظن ، ولا يبقى إلا اليقين ، ويوم القيامة يكون عيسى عليهم شهيدا ، يشهد على اليهود بأنهم كذّبوه ، وعلى النصارى بأنه دعوه ابن الله مرة ، والله مرة.
* * *