ذهب ، فصاغ لها حلقة من فضة وطلاها بالذهب أو بالزعفران ، فأبت إلا أن تكون من الذهب : يعنى سألته شيئا من عرض الدنيا ، وقيل : سألنه زيادة فى النفقة ؛ وقيل : آذينه بغيرة بعضهن على بعض. وهذه الخلافات وأمثالها هى من الأمور العادية بين الأزواج ، وقد تكره المرأة زوجها لسوء معاملته ، ولكن الرسول صلىاللهعليهوسلم ما أساء لزوجة ، ولا كرهته أىّ منهن ، وهو الذى قال : «خيركم خيركم لأهل بيته ، وأنا خيركم لأهل بيتى». ولم يحدث أن شتم زوجة أو ضربها ، وكان يعدل بينهن ، وأوصى بالنساء خيرا فقال : «واتقوا الله فى النساء فإنهن عندكم عوان» أى فى رعايتكم وكنفكم ، وكان يعطيهن كل ما يملك ، وما كان يملك من الدنيا شيئا ، وهو الذى خيّره ربّه بين أن يكون نبيا ملكا وبين أن يكون نبيا عبدا ، فاختار أن يكون نبيا عبدا ـ أو مسكينا. ولما أفاء الله عليه بعد خيبر ، كان يوزع عليهن الفيء فيعطيهن على السواء. وفى الحديث عند أحمد : أن عمر بن الخطاب ذكرت له امرأته أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم تراجعه أزواجه ، فسأل فى ذلك ابنته حفصة ، قال : أتراجعين رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قالت : نعم. وسألها : وتهجره إحداكن؟ قالت : نعم. ـ ومعنى المراجعة المحاورة ، وأن تستعيده الرأى والنظر فيه. وفى قول حفصة : أن زوجاته كن يغاضبنه ، يعنى يهجرنه. وفى مناسبة هذه الآية عند أحمد برواية جابر ، أن أبا بكر وعمر أقبلا ، يستأذنان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد جلس حوله نساؤه وهو ساكت ، وقال عمر يضاحكه : لو رأيت ابنة زيد ـ امرأة عمر ـ سألتنى النفقة آنفا فوجأت عنقها! (أى كسرته يقول ذلك مداعبا) ، فضحك النبىّ صلىاللهعليهوسلم وقال : «هن حولى يسألننى النفقة»! فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها ، وقام عمر إلى حفصة ، كلاهما يقولان : تسألان النبىّ صلىاللهعليهوسلم ما ليس عنده؟!! فنهاهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقلن ـ أى نساؤه : والله لا نسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده! فأنزل الله عزوجل الخيار ، فبدأ النبىّ صلىاللهعليهوسلم بعائشة ، يقول لها مترفقا : «إنى أذكر لك أمرا ما أحب أن تعجلى فيه حتى تستأمرى أبويك». قالت : وما هو؟ فتلا عليها : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ ..) الآية ، قالت عائشة : أفيك استأمر أبوى؟! بل اختار الله تعالى ورسوله! ـ وكذلك قالت كل نسائه.
وإذن فتخيير النساء فى البقاء على الزوجية أو الطلاق من آداب الزواج فى الإسلام ، فربما كانت الزوجة تكره المقام مع زوجها على الشدّة. ومشاورة المرأة لأبويها أو استئمارهما إذا اعتزمت الطلاق واجبة ، بحسب قوله صلىاللهعليهوسلم لعائشة ، ومعنى المشاورة أو الاستثمار : أن لا تحمّل المرأة وحدها مسئولية فراق زوجها دون إعمال فكر ونظر بمساعدة من أهلها. وقوله تعالى (أُمَتِّعْكُنَ) يعنى أن تعوّض المرأة إذا طلّقت ، وتعويضها هو عمّا يلحقها أو يفوتها بالطلاق ، بحسب حال الزوج ، وعلى الموسع قدره ، وعلى المقتر قدره. والسراح الجميل فى