يوما الحب إلا مع عائشة ، فهى حبيبته وزوجته فى الدنيا وفى الآخرة. وإن قيل فلأى شىء قال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : أمسك عليك زوجك؟ قلنا إنه من أجل أن تبقى زينب متزوجة ، لأن البديل صعب وهو أن يتزوجها هو. وإن قيل وما معنى «فلما قضى زيد منها وطرا» أليس معناه أن زيدا دخل عليها وجامعها؟ قلنا إن المعنى هو : فلما استنفد زواج زيد من زينب كل أهدافه ، ليتنزّل بسببه تشريع جديد ، زوجناكها ، أى زوّجها له الله تعالى ، ليس زواجا من السماء كما قالوا ، وإنما بالآيات التى حللت له أن يتزوجها ، ففي ضوء التشريع الجديد صار له أن يتزوجها ولا تثريب عليه. ويكفى أن نقول : إن زينب ما كان يمكن أن يتزوّجها ويتحملها آخر بخلاف النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، بدليل ما كانت تقوله له مما لا ينبغى لها ، كقولها : إنى لأدلّ عليك بثلاث ، ما من نسائك امرأة تدلّ بهن : أن جدّى وجدّك واحد! وأن الله أنكحك إياى من السماء! ـ (يعنى أنزل التشريع الذى مكّن لك الزواج منى) ، وأن السفير فى ذلك جبريل! (لأن جبريل كان هو الوحى الذى ينزل إليه بالقرآن). وقوله تعالى : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) (٣٨) (الأحزاب) يقصد بها تحليل الزواج للأنبياء ، فمحمد لم يأت نكرا ، ولا كان بدعا بين الرسل ، وإنما تزوج على سنة الله.
فهذه هى قصة زينب وزيد ، وما كان من ذلك مع النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وليس فيها أىّ ما يعيب على الثلاثة ، أو يطعن فى الرسول صلىاللهعليهوسلم كما ادّعى الأولون والآخرون. وليس فى زواجه صلىاللهعليهوسلم من زينب معجزة من السماء كما ادّعت زينب ، وما كان يشغل النبىّ أمر النساء وإنما كان شغله بالدعوة ، وقد قيل : ما أفلح من جعل وسادته أفخاذ النساء ، وهذا النبىّ كان بمنأى عن كل ذلك ، وكان سيد الأنبياء ، واهتماماته كانت أكبر من اهتمامات أى نبىّ ، وما كان عمله مجرد الهداية ، وإنما تكوين أمة ، وخلق مجتمع ، وإنشاء إنسان جديد ، وحسبنا الله.
* * *
٢٥٤. ما أحلّ له من النساء
ما حلله الله تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوسلم من النساء تتضمنه هذه الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥٠) (الأحزاب) ، والمعنى أن الله تعالى أحلّ له هؤلاء النساء ويستطيع أن يتزوج منهن ، ومن يتزوجها عليه أن يمهرها ، وقد أمهر زوجاته جميعا ، باستثناء أم حبيبة ، قيل : أمهرها عنه النجاشى! لما ذا؟ ربما