زينب من حزب أم سلمة ضد عائشة وحفصة ، وطالبت بحقها فى هدايا المسلمين للنّبىّ صلىاللهعليهوسلم. هكذا قالوا. وعند ابن سعد أنها توفيت وعمرها ٥٣ سنة ، يعنى تزوجته وكانت فى الثامنة والثلاثين كما قلنا. ولم تكن جميلة كما قالوا ، فقد كانت سمينة ، وقصيرة ، ولم يكن زيد مناسبا لها فعلا ، فرغم أن سنه كان متقاربا معها ، فقد كان فى السابعة والأربعين ، إلا أنه كان قصير القامة ، وآدم شديد الأدمة ـ يعنى شديد السّمرة ، وفى أنفه فطس ، ولهذا قالت زينب أنه كان بالأمس عبدا ، بينما كانت هى بتعبيرها أيّم قريش ـ يعنى أنها كانت الوحيدة من قريش التى لا زوج لها ولكنها موسرة تعول نفسها. وكان من رفض أخيها لهذا الزواج ، أنه ترك المدينة ، وكانت غاية النبىّ صلىاللهعليهوسلم من هذا الزواج أن يسترها بزوج هو أعرف الناس بخلقه الطيب ، وأراد الرسول أن يكافئ زيدا بأن يزوجه ابنة عمته ، فكان كما قيل ، بعيد النظر ، وحسب أن زينب ستتلقى اقتراحه بالترحاب ، فلمّا غصبت على الزواج ، كانت تسبّ زيدا ، ويبدو أنه من كثرة تطاولها عليه أصيب بالعنّة النسبية معها فكان يعجز أن يأتيها ، وفى ذلك كانت تقول : لم يستطعنى ، وما امتنع منه غير ما منعه الله منى ، فلا يقدر علىّ!
وفى الرواية كما سبق نسبوا لزينب أنها قالت : تورّم زيد ذلك ـ يعنى غضب لما أراد أن يقربها فعجز. وقيل : ومع ذلك حاول الرسول صلىاللهعليهوسلم أن يصلح بينهما ، وافتروا وقالوا : إنه كان حريصا على أن يطلقها من زوجها : ونتساءل : فمن أين علموا ذلك ، وما جاءت كلمة الطلاق على لسانه؟! وقوله «سبحان الله ، سبحان مصرّف القلوب» إنما هو قول المتخرّصين ، قيل : إن زينب هى التى صرّحت به ، وهو كلام مرسل ومنقطع ، ولا يعنى سياقه إنه يتمنّاها ، وربما كان معنى مصرّف القلوب أنه صرف قلب زينب عن زوجها ، فلما ذا يكون المعنى صرف قلبه إليها؟ وكانت زينب تطالعه دوما بحكم القرابة ، وإنه لأعرف الناس بشكلها وسمتها ، فكيف يعجب بها فجأة وكأنه ما رآها من قبل؟! وطبيعى أن يؤرقه حال زينب إذا طلقت ، وهو يعلم أن أحدا لن يتزوجها بعد زيد ، لأنه عبد ، والعرب لا يتزوجون مطلقات العبيد ، وما كان هناك إلا حل واحد : هو أن يتزوجها هو ويضمها إلى حريمه ، فيحفظ عليها مكانتها ، وما كان يمنعه من تنفيذ ذلك فورا ، بعد شكوى زيد المستمرة واعتزاله امرأته وفراقها ، إلا أن يقول العرب إنه تزوج امرأة ابنه ، وليس من منقذ من هذه الورطة إلا أن ينزل حلها بالقرآن ، وهو الحل الذى تعنيه الآية : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ) ، وهو الذى ارتآه فورا ، وهو الزواج بها فيريح ويستريح ، وليس ثمة مبرر لافتراض أنه تزوّجها لأنه كان يحبها كما أشاعوا! وفى حياة الرسول صلىاللهعليهوسلم ما ذكر