وتزوجته وهى رافضة. وقيل : بل الآية نزلت فى أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط ، وكانت قد وهبت نفسها للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فزوّجها من زيد بن حارثة ، فكرهت ذلك هى وأخوها. وسواء كانت الآية فى هذه أو تلك ، فإنها كانت لأسباب واحدة ، فقد قيل : أن النبىّ رأى بتزويج زينب من زيد : أن الكفاءة فى الزواج لا تعتبر بالأحساب ، وإنما تعتبر بالأديان ، ولذلك تزوج المقداد بن الأسود وهو من الموالى ـ ضباعة بنت الزبير ، وزوّج أبو حذيفة مولاه سالما من فاطمة بنت الوليد بن عتبة ، وتزوج بلال مولى أبى بكر من أخت عبد الرحمن بن عوف. والنبىّ صلىاللهعليهوسلم قد رأى هذا الرأى تطويرا للنظام الاجتماعى الإسلامى ، وتسريعا للحراك الاجتماعى فى المدينة ، ورأت زينب وأخوها غير ذلك ، وأصرّت على رأيها حتى قالت : لا أتزوجه أبدا! والمستشرقون يقولون إن زينب لذلك ظلت بكرا حتى تزوّجها الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فلما طلقها زيد لم يكن ثمة سبيل لإصلاح هذا الوضع الذى وضعت فيه زينب إلا أن يتزوجها النبىّ صلىاللهعليهوسلم نفسه ، والعرب ليس من عادتهم أن يتزوجوا مطلقات الموالى ، غير أن التقاليد تمنع كذلك زواج الأب من مطلقة ابنه ، وزيد هذا ابن محمد وإن كان ابنا بالتبنى. وما كان هناك ما يرفع هذا الحرج ويلغى هذا التفكير إلا أن ينزل تشريع بذلك من السماء ، فنزلت الآية : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧) (الأحزاب) ، والآية (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٤) (الأحزاب) ، احترازا من الابن الدعىّ ، وإباحة للنبىّ صلىاللهعليهوسلم الزواج من مطلقة دعيّه ، بقوله تعالى : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (٣٨) (الأحزاب) ، أى فيما أحلّ الله لنبيّه صلىاللهعليهوسلم من تزوجه زينب التى طلقها دعيّه زيد بن حارثة. والمستشرقون غلطوا إذن عند ما ذهبوا إلى أن إباحة زواج الزوجة السابقة للابن الدعى إنما شرّعت فقط لأن محمدا صلىاللهعليهوسلم كان يريد الزواج من زينب حليلة ابنه لأنه أحبها! ـ ولقد جاء النفى باتا من عند الله ، أن يكون النبىّ صلىاللهعليهوسلم أبا لزيد : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٤٠) (الأحزاب) ، وبطل لذلك زعمهم أنه حلّل حراما لمصلحته. وما كانت له مصلحة وهو الشيخ الكبير ، وزينب لم تكن الجميلة التى تستحق كل هذا العناء ، فقد ظلت بلا زواج قبل زيد حتى أشفق عليها النبىّ صلىاللهعليهوسلم وزوّجها منه رغم تضرّرها. ولما طلقها زيد كانت فى الخامسة والثلاثين ، وقيل كانت فى الثامنة والثلاثين ، وكانت بشهادة عائشة قصيرة ، وإذا