وإنه لأمر جلل أن ننسب إلى رسولنا صلىاللهعليهوسلم ما ليس فيه ، ونحسب أننا بذلك نكرمه ، أو نجلّه ، أو ننزله المنزلة الواجبة ، والرسول صلىاللهعليهوسلم من كل ذلك براء.
* * *
٢٠٨. محمد واحد من العرب وبشر مثلهم
عن عائشة رضى الله عنها أن قوله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١٦٤) كان للعرب خاصة» ، وقال آخرون : الآية لكل المؤمنين أينما كانوا ، ينبّههم أن نبيّهم صلىاللهعليهوسلم من أنفسهم ، أى واحد منهم ، وبشر مثلهم ، وإنما امتاز عليهم بالوحى ، وخصّ المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون به ، فالمنّة عليهم أعظم.
* * *
٢٠٩. النبىّ صلىاللهعليهوسلم خليله الله تعالى
فى الحديث : «وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا» أخرجه مسلم. يعنى اصطفاه الله خليلا ، والخليل هو الذى يوالى فى الله ، ويعادى فى الله ، والنبىّ صلىاللهعليهوسلم كانت هذه أبرز صفاته ، فلما اتخذه الله خليلا استحال عليه أن يشرك فى نفسه أحدا مع الله ، فقال : «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا» أخرجه مسلم ، يعنى لم يكن له خليل إلا الله ، شأنه شأن إبراهيم الخليل : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) (١٢٥) (النساء).
* * *
٢١٠. الردّ على من قال إن النبىّ صلىاللهعليهوسلم أختص أحدا بشيء قبل مماته
الدليل عليه قوله صلىاللهعليهوسلم : «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا» أخرجه مسلم ، أى : لو كنت مختصا أحد بشيء ، لاختصصت أبا بكر ، وفى هذا ردّ على من زعم أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم اختص بعض الصحابة ـ وبالتحديد عليا ـ بشيء من الدين.
* * *
٢١١. محمد صلىاللهعليهوسلم أول من أسلم أمره لله من أمّته
لمّا أصرّوا على تكذيب النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، أنزل الله تعالى عليه سورة الأنعام ، يسلّيه عن تكذيب من كذبه ، فصار خطابه له «بقل» تتكرر كل حين ، ومن ذلك : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) (١٤) (الأنعام) ، يعنى الأول من هذه الأمة ، كقول موسى : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (١٤٣) (الأعراف) ، والإسلام هو أن تسلم أمرك لله ، وأول المسلمين يعنى أول من يسلم أمره لله ، وزيد له الأمر وضوحا فقيل له أن يقول : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) (الأنعام