أبى طالب أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال لعمه : «يا عم! لو وضعت الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فى طلبه». وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبى شيبة عن جابر : أن عتبة بن ربيعة قال للنبىّ صلىاللهعليهوسلم : «أيها الرجل! إن كان إنما بك الحاجة ، جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا ، وإن كان إنما بك الباءة ، فاختر أى نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا». وفى رواية البيهقى عن الحاكم زاد : وإن كنت إنما بك الرئاسة ، عقدنا ألويتنا لك ، فكنت رأسا ما بقيت». وأخرج أبو نعيم عن ابن عمر أن عتبة قال له : يا ابن أخى : أراك أوسطنا بيتا ، وأفضلنا مكانا ، وقد أدخلت على قومك ما لم يدخل رجل على قومه مثله ، فإن كنت تطلب بهذا الحديث مالا فذلك لك على قومك ، أن يجمعوا لك حتى تكون أكثرنا مالا ؛ وإن كنت تطلب شرفا ، فنحن نشرّفك حتى لا يكون أحد من قومك أشرف منك ، ولا نقطع أمرا دونك ، وإن كان هذا عن ملم يصيبك فلا تقدر على النزوع منه ، بذلنا لك خزائننا حتى نعذر فى طلب الطب لذلك منك ، وإن كنت تريد ملكا ملّكناك». فبعد كل هذه العروض : المال ، والنساء ، والملك ، والرئاسة ، والشرف ، وأن يعالج من مرضه إن كان ما به بسبب مرض عضال ، ما ذا كان جواب النبىّ صلىاللهعليهوسلم؟ : «أفرغت يا أبا الوليد»؟ ثم قرأ عليه اثنتى عشرة آية من سورة فصّلت : (حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨) قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) (١٣). فارتج على عتبة ولم يستطع الاستمرار فى الاستماع ، وأمسك بفىّ الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وناشده الرحم أن يكف لمّا خاف الصاعقة ، وقال فى كلامه لما استعادته قريش الكلام : والله ما هو بسحر ـ يقصد القرآن ـ ولا بشعر ، ولا كهانة» وإذن فالنبىّ صلىاللهعليهوسلم لم يقصد إلى أعراض الدنيا ، وكانت دعوته إلى الله ، وفى الأخبار عنه ، وعن أحواله صلىاللهعليهوسلم فى الدعوة ، أنه صلىاللهعليهوسلم عاش ٢٣ سنة ينادى أن لا إله إلا الله ، وإلى أن توفاه الله لم يحدث أن شبع هو ولا أهله