(فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) (١٤٩) : كلّ قول لابن آدم ناقص ، وكل دعوى وحجة له يلزمها شىء لكمالها ، إلا الله عزوجل ، فقوله الكامل ، وحجّته على الناس هى أبلغ الحجج ، فإذا اعتذر أحدهم عن عجزه فى الشرح أو بيانه للحق ، عذرناه لأن الله وحده له الحجة البالغة.
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) (١٦٠) : الآية تعنى أن الجزاء يوافق العمل ، وفى الحديث : «الحسنة بعشر أمثالها وأزيد ، والسيئة واحدة وأغفر ، فالويل لمن غلبت آحاده أعشاره» ومن أمثاله تعالى مثل الحبّة التى أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة ، وكذلك بعض الحسنات بسبعمائة ، وقيل : الحسنة بعشر لسائر الحسنات ، والسبعمائة للنفقة فى سبيل الله.
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ...) (١٦٤) : مثل أو حكم عام ، أو مبدأ قانونى وأخلاقى ، يقال لمن يريد أن يأخذ إنسانا بجريرة آخر ، والمعنى أنه لا أحد يتّهم عن أحد ، ولا نفس تؤخذ بدلا عن أخرى. ويتكرر هذا الحكم عشر مرات فى سورة الأنعام ، والإسراء ، وفاطر ، والزمر ، والنجم.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) (١٦٥) : مثل لتفاوت الناس فى الدرجات ، وفى الخلق ، والرزق ، والقوة ، والبسطة ، والفضل ، والعلم ، والسلطان ، والولد ، والمال ، والاختبار ، فابتلى الموسر بالغنى وطلب منه الإحسان ، وابتلى المعسر بالفقر وطلب منه المثابرة ، وابتلى الجاهل بالجهل وطلب منه التعلّم ، والناس يبتلى بعضهم ببعض ، كما فى قوله (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) (الفرقان ٢٠).
* * *
٩٥٤. الأمثال والحكم فى سورة الأعراف
(وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ...) (٢٦) : الآية تضرب مثلا لمن يلتزم الشكلية فيقال الجوهر أولى بالرعاية ، وأصل الآية : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) (الأعراف ٢٦) ، أن اللباس ضرورة وفيه ستر للسوأة ، والسوأة هى العورة ، والله قضى بذلك وأنعم به ، ومن الإنعام ستر العورة ، وعن ذلك بالنسبة للمرأة الآية : (قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) (الأحزاب ٥٩) ؛ والريش ما ستر من لباس أو معيشة ؛ والرياش جمع ريش وهو ما كان من مال ولباس ؛ والتقوى خير لباس ، ولباس التقوى هو الحياء ، أو هو العمل الصالح ، أو اللباس المتواضع ،